4. مستند الشحن النظيف المشحون :
لو كان العقد سيف يمكن النص في العقد بصياغة جامدة على وجوب ارسال هذا النوع من المستندات لفوائده الجمة، ويعني هذا المستند أنه لا يحمل أي عبارة أو ملاحظة تعلن عن وجوب عيب في البضاعة أو في تعبئتها، وان البضاعة قد تم تحميلها على واسطة النقل التي ستقوم بإيصالها إلى المستورد(46).
رابعا : الإعفاءات :
تشهد التجارة الدولية، عرفا عند تحرير العقود بتخصيص بنود لموضوع الإعفاءات، فتارة تكون الصياغة، تعدادا لحالات الإعفاء، واحيانا تكون بالاكتفاء بتعريف الإعفاءات، وهذا المصطلح تسميها بعض التشاريع الوطنية، بحالة القوة القاهرة، ويسميها بعضهم الاخر، بحالات القضاء والقدر، فلا توجد تسمية متفق عليها، ويلاحظ ان الإتفاقيات الدولية تبنت اتجاها بعدم إستعمال التسيمة التقليدية والمتمثلة بمصطلح " القوة القاهرة "، وهذا ما تجده في إتفاقية فينا المذكورة والتي تناولتها في مادتين هما (79) و (80) حيث اطلقت عليها تسمية " العائق " وما تجده ايضا في الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن اضرار التلوث البترولي في البحار لسنة 1969، والتي لم تشر إلى حالات القضاء والقدر، واكتفت بالاشارة إلى الظواهر الطبيعية الاستثنائية من اجل تشجيع الدول للانضمام إليها، والتي لا تؤمن بالأديان أو بما يسمى بالقضاء والقدر(47) ان هذا الإختلاف في التسمية يحدو بالقائم بصياغة العقد على تناول حالة الإعفاء هذه بعناية، لا سيما ان قضاء التحكيم التجاري الدولي في مجتمع المهنيين من التجار ورجال الاعمال، قد اضفى في التطبيق العملي، على هذا الإعفاء ذاتية خاصة له، ليكون منسجما وطبيعة التجارة الدولية، بحيث يؤدي إلى التوزيع المتساوي للمخاطر الناجمة عنه، بالرغم من ان القاعدة تقضي عند وقوع هذا الإعفاء (القوة القاهرة، أو العائق)، فإنه يعفي المدين من تنفيذ إلتزامه بالكامل، وكذلك عندما تقع ظروف طارئه فإنها تخول القاضي سلطة تعديل العقد، تحقيقا للتوازن الاقتصادي فيه مراعاة للعدالة، بينما جرى التحكيم التجاري الدولي على إعتبار ان أطراف عقودالتجارة الدولية، يفترض فيهم ان يتوقوا مخاطر الاسواق، مما يستوجب تقييد سلطان المحكم في تعديل العقد، في اطار بعض العقود، لا سيما عقود الانتاج، التي يتطلب تنفيذها، امدا طويلا مثل عقود المفتاح باليد وما شابه ذلك(48).
خامسا : شرط التحكيم(49).
تتميز عقود التجارة الدولية بأنها تتضمن هذا الشرط، وبشيوع هذا التعامل، صار التحكيم التجاري الدولي، من المصادر المهمة لقانون التجارة الدولية، واحيانا يتبع المتعاقدون الصياغة المرنة عند تحرير هذا الشرط، كما لو جاء على النحو الاتي : يخضع التحكيم لقواعد غرفة التجارة الدولية إن مثل هذه الصياغة، تعني أن المُتَعَاقِدين قررا ترك كافة التفاصيل إلى ما هو منصوص عليه في هذا النظام مثل : عدد المحكمين(50)، وتحديد قانون الإجراءات(51) والقانون الموضوعي الذي يسري على العقد موضوع التحكيم(52) ومكان اجراء التحكيم(53) وتفويض المحكم بالصلح ام اغفال الصياغة لنظام التحكيم الذي يجب اتباعه عند حلول النزاع، كما لو ورد الشرط على هذا النحو " يحال النزاع إلى التحكيم التجاري " إن مثل هذه الصياغة تؤدي إلى فتح باب المنازعات في تفسير هذا الشرط، فقد يدعي احد الأطراف ان النظام المقصود هو نظام التحكيم المتبع في دولة إبرام عقد التجارة الدولية، لا سيما اننا لاحظنا، أنه لا يقدح من دولية مثل هذه العقود، خضوعها إلى قانون موضوعي وشكلي، وطنيين، كما تؤدي هذه الصياغة إلى اطالة امد النزاع، فلو لجأ احد الأطراف إلى أي نظام تحكيم، كان من حق الطرف الآخر، رفض الانصياع لمثل هذا النظام لأن اختيار نظام التحكيم، يستوجب قبول الأطراف المتنازعة وهكذا نفهم المادة (7) من نظام التحكيم غرفة التجارة الدولية بقولها، إذا لم يوجد لأول وهلة، بين الأطراف إتفاق تحكيم، أو كان بينها إتفاق لا يشير إلى غرفة التجارة الدولية، ولم يقم المدعى عليه بالرد خلال مهلة الثلاثين يوما المحددة في المادة (4/1) أو رفض تحكيم غرفة التجارة الدولية، أبلغ المدعي ان هذا التحكيم متعذر " وتأييدا لما تقدم، نلاحظ إتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري(55)، والموقعة في 28/11/1987، تنص في مادتها (3/2) على " يقترح ادراج الصيغة التالية في العقود التي تخضع للتحكيم، كل النزاعات الناشئة عن هذا العقد، تتم تسويتها من قبل المركز العربي للتحكيم التجاري وفقا للأحكام الواردة في الإتفاقية العربية للتحكيم التجاري وهكذا يبدو قصور الصياغة المرنة، عند تحرير شرط التحكيم، مما يتعين على القائم بالصياغة اخذ ذلك بنظر الإعتبار .
الخلاصة
تضمين الصياغة قواعد لتفسير العقد :
لاحظنا ان عقد التجارة الدولية، يتضمن قانونه الخاص الذي يعمل المتعاقدان عند إبرام العقد على صياغته، سواء اكان هذا القانون مستمدا من العقود النموذجية وشروطها العامة، ام مما يضيفونه من شروط خاصة، ولوحظ أنه غالبا ما يكون كل من المتعاقدين له جنسية مختلفة(56) ولكل منهما ثقافته القانونية، وقد تنجح الجهود الدولية في وضع إتفاقية دولية، ولكن سرعان ما يدب إليها الخلاف في التطبيق الدولي، وبما اننا نفترض ان عقد التجارة الدولية الذي انتهينا من صياغته ووضعناه موضع التنفيذ، هو بمثابة الإتفاقية التي تحكم هذه العلاقة العقدية فقد تنشأ الحاجة إلى تفسير بعض نصوصه، لمعرفة ما اتجهت اليه إرادة الطرفين المتعاقدين، فالغموض الذي قد يعتري العقد، قد يثير اكثر من معنى، وقد يكون الاخذ بمعنى دون آخر، فيه تفضيل مصلحة على اخرى، من المصالح المتقابلة في العقد، بينما الهدف الذي نسترشد به هنا عند تفسير هذا الغموض هو التعرف على الإرادة المشتركة للطرفين المتعاقدين، فلا يكفي إذا التعرف على ما أراده احدهما، بل العبرة بما اراده كلاهما(57)، مما يفضل اضافة إلى الجهد المبذول منذ البداية لتفادي المشاكل(58)، إلا تهمل صياغة العقد هذه الجهة، وذلك بتتضمينها قواعد إرشادية يتم تفسير العقد بموجبها(59) من اجل الوصول إلى تحقيق الهدف المتمثل في معرفة ما اراده المتعاقدان من فهم مشترك للمسألة موضوع التفسير .
الهوامش
1. د. احمد عبد الحميد عشوش، ص 304 – 305، د. أحمد عبد الكريم سلامة، ص 7.
2. هنري باتيفول، ص 18، 14، 39، 34
3. د. احمد عبد الكريم سلامة، ص 264 – 260
4. د. احمد عبد الكريم سلامة، ص 47 بند 39.
5. د. احمد سلامة : يمكن ان تلاحظ امثلة للقصايا التي كرست مبدأ تجميد القانون في مثل هذه العقود، ص 92- 103
6. د. ابو زيد رضوان ، ص 446
7. د. حمزة حداد، ص 311
8. د. محسن شفيق، نقل التكنولوجيا، ص 59-60
9. د. محمد ابراهيم الدسوقي، ص 25.
10. مع العلم ان هذه الشروط العامة والخاصة معروفة بشكل اساسي في عقود المقاولات النموذجية، الانشائية منها ام الصناعية، وتكون الشروط العامة معروفة مسبقا مما يغني الأطراف المتعاقدة من اعادة كتابتها أو التفاوض بشأنها من كل مرة يتم إبرام المقاولة لا سيما بالنسبة للشروط الإلزامية ولكن إذا ما اتجهت الإرادة إلى استبعاد ما يمكن استبعاده فلا بد من وضع شروط خاصة في عقد المقاولة، وبذلك تكمل الشروط الخاصة الشروط العامة، وتكون حينئذ ملزمة بالطرفين واستنادا لعقد المقاولة المبرم بينهما د. سعدون القشطيني، اشار اليه د. عادل السنجقلي، ص 17-18، ويشير د. هاني صلاح سري الدين إلى ان عقود الانشاءات المدنية الصادرة عن الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشارين (F. I. D. I. C) والمعروف في العمل الدولي بعقد الفيدك، وهذا النموذج شكلا ومضمونا مأخوذا عن القانون الانجليزي ص 27 هامش 9.
11. د. محمود سمير الشرقاوي، الإلتزام بالتسليم في عقد بيع البضائع، ص 5، المحامي كمال ابراهيم، ص 51.
12. د. محمد حسام محمود لطفي، ص 9.
13. د. محمد المرسي زهرة، ص 163-166، للتفصيل في التوقيع الإلكتروني .
14. د. فايز نعيم رضوان، ص 36-38.
15. د. احمد شرف الدين، ص 20-32، و ص 36
16. د. احمد شرف الدين، ص 20 – 23 و ص 36
17. د. أحمد شرف الدين، ص 14- 20
18. د. محمد ابراهيم الدسوقي، ص 139 – 140.
19. د. محسن شفيق، نقل التكنولوجيا، ص 65 – 66
20. قرار محكمة التمييز في العراق، رقم الاضبارة 324 / مدنية اولى / 1973 غير منشور .
21. قرار محكمة التمييز – الحقوق، قضية رقم 492 /94 في 27/4/1995 ( غير منشور )
22. وهذا ما نصت عليه قواعد غرفة التجارة الدولية في نشرتها رقم 400 في مادتها 38/أ وكذلك نشرتها رقم 500 في مادتها 35/أ و ب
23. المادة (22) من نشرة غرفة التجارة الدولية رقم (400) والمقابلة للمادة 20 من نشرتها رقم (500) ولكن تتميز هذه المرة بأنها اشترطت شرطا لقبول مثل هذه المستندات، هو إلا تكون صادرة من المستفيد من الإعتماد .
24. د. احمد شرف الدين، ص 141 – 20
25. بهذا المعنى قضت غرفة التجارة الدولية في سنة 1972 نقلا عن د. محمد حسام لطفي ص 23
26. الكسندرفيدا، ص 22 – 30، وللتفصيل راجع د. محمد دسوقي، ص 78-80 و 87 – 88 .
27. د. محسن شفيق، إتفاقية الامم المتحدة، ص 95 بند 140.
28. د. محمد لطفي، ص 6-7، 72
29. د. محمد لطفي ص138 – 139
30. د. علي مبروكين، ص 72
31. د. سامي سركيس، ص 43
32. تم نشر هذه الإتفاقية بالاردن، الجريدة الرسمية، عدد 3525 لسنة 1988، ص 14
33. د. احمد محمود حسني، ص 294 – 295 يشير إلى امثلة اخرى .
34. وهذا ما تنص عليه إتفاقية فينا في مادتها 35/ج
35. د. محسن شفيق، نقل التكنولوجيا ص 65-67، وللتفصيل في مشروعية هذه الشروط ،راجع د. سميحة القيلوبي، ص 239- 449
36. د. محمد الدسوقي، ص 131-133.
37. د. محسن شفيق، إتفاقية الامم المتحدة، ص 93 – 97
38. د. محسن شفيق، المصدر السابق
39. د. محمد الدسوقي، ص 128 – 131
40. المصدر السابق، ص 128-130
41. د. علي مبروكين، ص 71 بند 8
42. وتقابلها المادة (46/ج) من نشرة رقم 400
43. د. محمد الدسوقي، ص 165 -168
44. للتفصيل د. علي جمال الدين عوض خطابات الضمان المصرفية، القاهرة 1991 ولنفس المؤلف عمليات البنوك من الوجهة القانونية، القاهرة، ط1، 1989. و د. محمد الدسوقي ص 155 – 158
45. د. احمد رفعت خفاجي، ص 11 – 13
46. المادة (32) من نشرة غرفة التجارة الدولية رقم (500) والمطابقة للمادة (34) من نشرتها رقم (400) للتفصيل في هذه المستندات، راجع د. مصطفى كمال طه القانون البحري الدار الجامعية بيروت 1993. د. محمود سمير الشرقاوي القانون البحري، 1970، ص 363 وما يليها د. لطيف جبركوماني، القانون البحري مكتبة دار الثقافة والنشر، عمان، 1996، ص 99. د. عادل المقدادي، القانون البحري، نفس الناشر السابق، عمان، 1998، ص 105.
47. د. أحمد نجيب، ص 209
48. د. هشام علي صادق، القانون واجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، ص172 و 179 – 187
49. للتفصيل في التحكيم التجاري، راجع د. احمد ابو الوفا، التحكيم في القوانين العربية، ط1،الاسكندرية، الجيب مالوش، محكم دولي، خواطر التحكيم التجاري الدولي، 1988، مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجاري، د. سامي سركيس، حسم المنازعات بالالتجاء إلى التحكيم والتوفيق، مجلة الرائد العربي عدد (46) سنة 1995، دمشق، د. فوزي محمد سامي، التحكيم التجاري الدولي، عمان، ط2، 1992. د. عز الدين عبد الله تنازع القوانين في مسائل التحكيم الدولي في مواد القانون الخاص، مجلة العدالة، ابو ظبي، د. محمود سمير الشرقاوي، التحكيم في العقود الدولية للانشاءات، مجلة اتحاد الجامعات العربية للدراسات والبحوث القانونية، عدد (3) سنة 1996، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، د. محي الدين اسماعيل افكار حول التحكيم التجاري الدولي مجلة الميادين، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجده – المغرب، عدد (1) 1986.
50. وتنص مادته (2) على " إذا لم يكن الطرفان قد اتفقا على تحديد عدد المحكمين، فإن هيئة التحكيم تُعين محكما واحدا إلا إذا بدا لها ان النزاع يبرر تعيين ثلاثة محكيمن، فللطرفين في هذه الحالة مهلة ثلاثين يوما، ليقوم كل منهما بتعيين محكم، ولاحظ البند (6-13) من نفس المادة وتقابل المادة 8/2 من القواعد الجديدة والتي خفضت المدة إلى النصف .
51. وتنص مادته (11) – 1 . القواعد واجبة التطبيق على الاجراءات امام المحكم، هي تلك المستمدة من هذا النظام، وعند عدم معالجتها لامر معين .
2. القواعد التي يحددها الأطراف وعند عدم تحقق ذلك .
3. فتلك التي يحددها المحكم، سواء احالت إلى قانون اجرائي وطني، يطبق على التحكيم أو لم تحل اليه .
52. وتنص مادته 13/3 على " للأطراف حرية تحديد القانون الواجب على المحكم، تطبيقه على موضوع النزاع، فإذا لم يحدده الأطراف، طبق المحكم القانون، الذي تحدده قاعدة التنازع التي يراها المحكم ملائمة في هذا الخصوص، ويقابلها المادة 17/1 من القواعد الجديدة.
53. وتنص مادته (12) على " تحدد الهيئة مكان التحكيم، ما لم يكن الأطراف قد اتفقت عليه " ويقابلها المادة 14/1 من القواعد الجديدة .
54. وتنص مادته 13/4 على " للمحكم سلطات المفوض في الصلح إذا اتفق الأطراف على تخويله اياه " ويقابلها المادة 17/3 من القواعد الجديدة .
55. صادقت عليها المملكة الاردنية الهاشمية بنشرها بالجريدة الرسمية عدد 3525 لسنة 1988، ص 14.
56. د. محمود سمير الشرقاوي، التحكيم في العقود الدولية للانشاءات، ص 3 وما يليها .
57. د. محمد الدسوقي، ص 16-17
58. كما يشير الدكتور محمود الشرقاوي في بحثه القيم آنف الذكر، ص 2
59. جاء اقتباس هذه الفكرة في صياغة إتفاقية فينا المذكورة في البحث، لا سيما في مادتها السابعة المتضمنة القواعد الارشادية التي يجب اتباعها لدى تفسير نصوص الإتفاقية، وما جاء في مادتها الثامنة المتضمنة القواعد الإرشادية التي يجب اتباعها عند تفسير عقود البيع الدولية الخاضعة لها .
لو كان العقد سيف يمكن النص في العقد بصياغة جامدة على وجوب ارسال هذا النوع من المستندات لفوائده الجمة، ويعني هذا المستند أنه لا يحمل أي عبارة أو ملاحظة تعلن عن وجوب عيب في البضاعة أو في تعبئتها، وان البضاعة قد تم تحميلها على واسطة النقل التي ستقوم بإيصالها إلى المستورد(46).
رابعا : الإعفاءات :
تشهد التجارة الدولية، عرفا عند تحرير العقود بتخصيص بنود لموضوع الإعفاءات، فتارة تكون الصياغة، تعدادا لحالات الإعفاء، واحيانا تكون بالاكتفاء بتعريف الإعفاءات، وهذا المصطلح تسميها بعض التشاريع الوطنية، بحالة القوة القاهرة، ويسميها بعضهم الاخر، بحالات القضاء والقدر، فلا توجد تسمية متفق عليها، ويلاحظ ان الإتفاقيات الدولية تبنت اتجاها بعدم إستعمال التسيمة التقليدية والمتمثلة بمصطلح " القوة القاهرة "، وهذا ما تجده في إتفاقية فينا المذكورة والتي تناولتها في مادتين هما (79) و (80) حيث اطلقت عليها تسمية " العائق " وما تجده ايضا في الإتفاقية الدولية بشأن المسؤولية المدنية عن اضرار التلوث البترولي في البحار لسنة 1969، والتي لم تشر إلى حالات القضاء والقدر، واكتفت بالاشارة إلى الظواهر الطبيعية الاستثنائية من اجل تشجيع الدول للانضمام إليها، والتي لا تؤمن بالأديان أو بما يسمى بالقضاء والقدر(47) ان هذا الإختلاف في التسمية يحدو بالقائم بصياغة العقد على تناول حالة الإعفاء هذه بعناية، لا سيما ان قضاء التحكيم التجاري الدولي في مجتمع المهنيين من التجار ورجال الاعمال، قد اضفى في التطبيق العملي، على هذا الإعفاء ذاتية خاصة له، ليكون منسجما وطبيعة التجارة الدولية، بحيث يؤدي إلى التوزيع المتساوي للمخاطر الناجمة عنه، بالرغم من ان القاعدة تقضي عند وقوع هذا الإعفاء (القوة القاهرة، أو العائق)، فإنه يعفي المدين من تنفيذ إلتزامه بالكامل، وكذلك عندما تقع ظروف طارئه فإنها تخول القاضي سلطة تعديل العقد، تحقيقا للتوازن الاقتصادي فيه مراعاة للعدالة، بينما جرى التحكيم التجاري الدولي على إعتبار ان أطراف عقودالتجارة الدولية، يفترض فيهم ان يتوقوا مخاطر الاسواق، مما يستوجب تقييد سلطان المحكم في تعديل العقد، في اطار بعض العقود، لا سيما عقود الانتاج، التي يتطلب تنفيذها، امدا طويلا مثل عقود المفتاح باليد وما شابه ذلك(48).
خامسا : شرط التحكيم(49).
تتميز عقود التجارة الدولية بأنها تتضمن هذا الشرط، وبشيوع هذا التعامل، صار التحكيم التجاري الدولي، من المصادر المهمة لقانون التجارة الدولية، واحيانا يتبع المتعاقدون الصياغة المرنة عند تحرير هذا الشرط، كما لو جاء على النحو الاتي : يخضع التحكيم لقواعد غرفة التجارة الدولية إن مثل هذه الصياغة، تعني أن المُتَعَاقِدين قررا ترك كافة التفاصيل إلى ما هو منصوص عليه في هذا النظام مثل : عدد المحكمين(50)، وتحديد قانون الإجراءات(51) والقانون الموضوعي الذي يسري على العقد موضوع التحكيم(52) ومكان اجراء التحكيم(53) وتفويض المحكم بالصلح ام اغفال الصياغة لنظام التحكيم الذي يجب اتباعه عند حلول النزاع، كما لو ورد الشرط على هذا النحو " يحال النزاع إلى التحكيم التجاري " إن مثل هذه الصياغة تؤدي إلى فتح باب المنازعات في تفسير هذا الشرط، فقد يدعي احد الأطراف ان النظام المقصود هو نظام التحكيم المتبع في دولة إبرام عقد التجارة الدولية، لا سيما اننا لاحظنا، أنه لا يقدح من دولية مثل هذه العقود، خضوعها إلى قانون موضوعي وشكلي، وطنيين، كما تؤدي هذه الصياغة إلى اطالة امد النزاع، فلو لجأ احد الأطراف إلى أي نظام تحكيم، كان من حق الطرف الآخر، رفض الانصياع لمثل هذا النظام لأن اختيار نظام التحكيم، يستوجب قبول الأطراف المتنازعة وهكذا نفهم المادة (7) من نظام التحكيم غرفة التجارة الدولية بقولها، إذا لم يوجد لأول وهلة، بين الأطراف إتفاق تحكيم، أو كان بينها إتفاق لا يشير إلى غرفة التجارة الدولية، ولم يقم المدعى عليه بالرد خلال مهلة الثلاثين يوما المحددة في المادة (4/1) أو رفض تحكيم غرفة التجارة الدولية، أبلغ المدعي ان هذا التحكيم متعذر " وتأييدا لما تقدم، نلاحظ إتفاقية عمان العربية للتحكيم التجاري(55)، والموقعة في 28/11/1987، تنص في مادتها (3/2) على " يقترح ادراج الصيغة التالية في العقود التي تخضع للتحكيم، كل النزاعات الناشئة عن هذا العقد، تتم تسويتها من قبل المركز العربي للتحكيم التجاري وفقا للأحكام الواردة في الإتفاقية العربية للتحكيم التجاري وهكذا يبدو قصور الصياغة المرنة، عند تحرير شرط التحكيم، مما يتعين على القائم بالصياغة اخذ ذلك بنظر الإعتبار .
الخلاصة
تضمين الصياغة قواعد لتفسير العقد :
لاحظنا ان عقد التجارة الدولية، يتضمن قانونه الخاص الذي يعمل المتعاقدان عند إبرام العقد على صياغته، سواء اكان هذا القانون مستمدا من العقود النموذجية وشروطها العامة، ام مما يضيفونه من شروط خاصة، ولوحظ أنه غالبا ما يكون كل من المتعاقدين له جنسية مختلفة(56) ولكل منهما ثقافته القانونية، وقد تنجح الجهود الدولية في وضع إتفاقية دولية، ولكن سرعان ما يدب إليها الخلاف في التطبيق الدولي، وبما اننا نفترض ان عقد التجارة الدولية الذي انتهينا من صياغته ووضعناه موضع التنفيذ، هو بمثابة الإتفاقية التي تحكم هذه العلاقة العقدية فقد تنشأ الحاجة إلى تفسير بعض نصوصه، لمعرفة ما اتجهت اليه إرادة الطرفين المتعاقدين، فالغموض الذي قد يعتري العقد، قد يثير اكثر من معنى، وقد يكون الاخذ بمعنى دون آخر، فيه تفضيل مصلحة على اخرى، من المصالح المتقابلة في العقد، بينما الهدف الذي نسترشد به هنا عند تفسير هذا الغموض هو التعرف على الإرادة المشتركة للطرفين المتعاقدين، فلا يكفي إذا التعرف على ما أراده احدهما، بل العبرة بما اراده كلاهما(57)، مما يفضل اضافة إلى الجهد المبذول منذ البداية لتفادي المشاكل(58)، إلا تهمل صياغة العقد هذه الجهة، وذلك بتتضمينها قواعد إرشادية يتم تفسير العقد بموجبها(59) من اجل الوصول إلى تحقيق الهدف المتمثل في معرفة ما اراده المتعاقدان من فهم مشترك للمسألة موضوع التفسير .
الهوامش
1. د. احمد عبد الحميد عشوش، ص 304 – 305، د. أحمد عبد الكريم سلامة، ص 7.
2. هنري باتيفول، ص 18، 14، 39، 34
3. د. احمد عبد الكريم سلامة، ص 264 – 260
4. د. احمد عبد الكريم سلامة، ص 47 بند 39.
5. د. احمد سلامة : يمكن ان تلاحظ امثلة للقصايا التي كرست مبدأ تجميد القانون في مثل هذه العقود، ص 92- 103
6. د. ابو زيد رضوان ، ص 446
7. د. حمزة حداد، ص 311
8. د. محسن شفيق، نقل التكنولوجيا، ص 59-60
9. د. محمد ابراهيم الدسوقي، ص 25.
10. مع العلم ان هذه الشروط العامة والخاصة معروفة بشكل اساسي في عقود المقاولات النموذجية، الانشائية منها ام الصناعية، وتكون الشروط العامة معروفة مسبقا مما يغني الأطراف المتعاقدة من اعادة كتابتها أو التفاوض بشأنها من كل مرة يتم إبرام المقاولة لا سيما بالنسبة للشروط الإلزامية ولكن إذا ما اتجهت الإرادة إلى استبعاد ما يمكن استبعاده فلا بد من وضع شروط خاصة في عقد المقاولة، وبذلك تكمل الشروط الخاصة الشروط العامة، وتكون حينئذ ملزمة بالطرفين واستنادا لعقد المقاولة المبرم بينهما د. سعدون القشطيني، اشار اليه د. عادل السنجقلي، ص 17-18، ويشير د. هاني صلاح سري الدين إلى ان عقود الانشاءات المدنية الصادرة عن الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشارين (F. I. D. I. C) والمعروف في العمل الدولي بعقد الفيدك، وهذا النموذج شكلا ومضمونا مأخوذا عن القانون الانجليزي ص 27 هامش 9.
11. د. محمود سمير الشرقاوي، الإلتزام بالتسليم في عقد بيع البضائع، ص 5، المحامي كمال ابراهيم، ص 51.
12. د. محمد حسام محمود لطفي، ص 9.
13. د. محمد المرسي زهرة، ص 163-166، للتفصيل في التوقيع الإلكتروني .
14. د. فايز نعيم رضوان، ص 36-38.
15. د. احمد شرف الدين، ص 20-32، و ص 36
16. د. احمد شرف الدين، ص 20 – 23 و ص 36
17. د. أحمد شرف الدين، ص 14- 20
18. د. محمد ابراهيم الدسوقي، ص 139 – 140.
19. د. محسن شفيق، نقل التكنولوجيا، ص 65 – 66
20. قرار محكمة التمييز في العراق، رقم الاضبارة 324 / مدنية اولى / 1973 غير منشور .
21. قرار محكمة التمييز – الحقوق، قضية رقم 492 /94 في 27/4/1995 ( غير منشور )
22. وهذا ما نصت عليه قواعد غرفة التجارة الدولية في نشرتها رقم 400 في مادتها 38/أ وكذلك نشرتها رقم 500 في مادتها 35/أ و ب
23. المادة (22) من نشرة غرفة التجارة الدولية رقم (400) والمقابلة للمادة 20 من نشرتها رقم (500) ولكن تتميز هذه المرة بأنها اشترطت شرطا لقبول مثل هذه المستندات، هو إلا تكون صادرة من المستفيد من الإعتماد .
24. د. احمد شرف الدين، ص 141 – 20
25. بهذا المعنى قضت غرفة التجارة الدولية في سنة 1972 نقلا عن د. محمد حسام لطفي ص 23
26. الكسندرفيدا، ص 22 – 30، وللتفصيل راجع د. محمد دسوقي، ص 78-80 و 87 – 88 .
27. د. محسن شفيق، إتفاقية الامم المتحدة، ص 95 بند 140.
28. د. محمد لطفي، ص 6-7، 72
29. د. محمد لطفي ص138 – 139
30. د. علي مبروكين، ص 72
31. د. سامي سركيس، ص 43
32. تم نشر هذه الإتفاقية بالاردن، الجريدة الرسمية، عدد 3525 لسنة 1988، ص 14
33. د. احمد محمود حسني، ص 294 – 295 يشير إلى امثلة اخرى .
34. وهذا ما تنص عليه إتفاقية فينا في مادتها 35/ج
35. د. محسن شفيق، نقل التكنولوجيا ص 65-67، وللتفصيل في مشروعية هذه الشروط ،راجع د. سميحة القيلوبي، ص 239- 449
36. د. محمد الدسوقي، ص 131-133.
37. د. محسن شفيق، إتفاقية الامم المتحدة، ص 93 – 97
38. د. محسن شفيق، المصدر السابق
39. د. محمد الدسوقي، ص 128 – 131
40. المصدر السابق، ص 128-130
41. د. علي مبروكين، ص 71 بند 8
42. وتقابلها المادة (46/ج) من نشرة رقم 400
43. د. محمد الدسوقي، ص 165 -168
44. للتفصيل د. علي جمال الدين عوض خطابات الضمان المصرفية، القاهرة 1991 ولنفس المؤلف عمليات البنوك من الوجهة القانونية، القاهرة، ط1، 1989. و د. محمد الدسوقي ص 155 – 158
45. د. احمد رفعت خفاجي، ص 11 – 13
46. المادة (32) من نشرة غرفة التجارة الدولية رقم (500) والمطابقة للمادة (34) من نشرتها رقم (400) للتفصيل في هذه المستندات، راجع د. مصطفى كمال طه القانون البحري الدار الجامعية بيروت 1993. د. محمود سمير الشرقاوي القانون البحري، 1970، ص 363 وما يليها د. لطيف جبركوماني، القانون البحري مكتبة دار الثقافة والنشر، عمان، 1996، ص 99. د. عادل المقدادي، القانون البحري، نفس الناشر السابق، عمان، 1998، ص 105.
47. د. أحمد نجيب، ص 209
48. د. هشام علي صادق، القانون واجب التطبيق على عقود التجارة الدولية، ص172 و 179 – 187
49. للتفصيل في التحكيم التجاري، راجع د. احمد ابو الوفا، التحكيم في القوانين العربية، ط1،الاسكندرية، الجيب مالوش، محكم دولي، خواطر التحكيم التجاري الدولي، 1988، مركز القاهرة الاقليمي للتحكيم التجاري، د. سامي سركيس، حسم المنازعات بالالتجاء إلى التحكيم والتوفيق، مجلة الرائد العربي عدد (46) سنة 1995، دمشق، د. فوزي محمد سامي، التحكيم التجاري الدولي، عمان، ط2، 1992. د. عز الدين عبد الله تنازع القوانين في مسائل التحكيم الدولي في مواد القانون الخاص، مجلة العدالة، ابو ظبي، د. محمود سمير الشرقاوي، التحكيم في العقود الدولية للانشاءات، مجلة اتحاد الجامعات العربية للدراسات والبحوث القانونية، عدد (3) سنة 1996، كلية الحقوق، جامعة القاهرة، د. محي الدين اسماعيل افكار حول التحكيم التجاري الدولي مجلة الميادين، كلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية وجده – المغرب، عدد (1) 1986.
50. وتنص مادته (2) على " إذا لم يكن الطرفان قد اتفقا على تحديد عدد المحكمين، فإن هيئة التحكيم تُعين محكما واحدا إلا إذا بدا لها ان النزاع يبرر تعيين ثلاثة محكيمن، فللطرفين في هذه الحالة مهلة ثلاثين يوما، ليقوم كل منهما بتعيين محكم، ولاحظ البند (6-13) من نفس المادة وتقابل المادة 8/2 من القواعد الجديدة والتي خفضت المدة إلى النصف .
51. وتنص مادته (11) – 1 . القواعد واجبة التطبيق على الاجراءات امام المحكم، هي تلك المستمدة من هذا النظام، وعند عدم معالجتها لامر معين .
2. القواعد التي يحددها الأطراف وعند عدم تحقق ذلك .
3. فتلك التي يحددها المحكم، سواء احالت إلى قانون اجرائي وطني، يطبق على التحكيم أو لم تحل اليه .
52. وتنص مادته 13/3 على " للأطراف حرية تحديد القانون الواجب على المحكم، تطبيقه على موضوع النزاع، فإذا لم يحدده الأطراف، طبق المحكم القانون، الذي تحدده قاعدة التنازع التي يراها المحكم ملائمة في هذا الخصوص، ويقابلها المادة 17/1 من القواعد الجديدة.
53. وتنص مادته (12) على " تحدد الهيئة مكان التحكيم، ما لم يكن الأطراف قد اتفقت عليه " ويقابلها المادة 14/1 من القواعد الجديدة .
54. وتنص مادته 13/4 على " للمحكم سلطات المفوض في الصلح إذا اتفق الأطراف على تخويله اياه " ويقابلها المادة 17/3 من القواعد الجديدة .
55. صادقت عليها المملكة الاردنية الهاشمية بنشرها بالجريدة الرسمية عدد 3525 لسنة 1988، ص 14.
56. د. محمود سمير الشرقاوي، التحكيم في العقود الدولية للانشاءات، ص 3 وما يليها .
57. د. محمد الدسوقي، ص 16-17
58. كما يشير الدكتور محمود الشرقاوي في بحثه القيم آنف الذكر، ص 2
59. جاء اقتباس هذه الفكرة في صياغة إتفاقية فينا المذكورة في البحث، لا سيما في مادتها السابعة المتضمنة القواعد الارشادية التي يجب اتباعها لدى تفسير نصوص الإتفاقية، وما جاء في مادتها الثامنة المتضمنة القواعد الإرشادية التي يجب اتباعها عند تفسير عقود البيع الدولية الخاضعة لها .