د.عادل عامر
أن التحكيم الدولي من الملفات الهامة التي يجب التركيز عليها ، حيث تتحمل الشركات والاقتصاد المصري ككل خسائر هائلة عند توقيع تعاقدات مع أطراف خارجية دون الدراية الكافية بالقواعد والقوانين التي تحدد إجراءات وطرق التحكيم الدولي عند حدوث أية منازعات تجارية أو استثمارية مع الطرف الآخر . وضرورة ضرورة تنظيم دورات تدريبية للإدارات القانونية في الشركات التي تتعامل مع الخارج للتعرف على قواعد التحكيم الدولي وكيفية إبرام التعاقدات والاطلاع على ما يطرأ من جديد في مجال التحكيم الدولي لتجنب الخسائر التي تلحق بالشركات والاقتصاد المصري ككل.
أن اللجنة المصرية لغرفة التجارة الدولية تم إنشاؤها بالقرار الجمهوري رقم 136 لسنة 1974 بهدف تمثيل الكيانات الاقتصادية المصرية في الغرفة الدولية وتجمع اتحادات الغرف التجارية والصناعات، الغرف السياحية، البنوك، التأمين، التعاونيات، البنك المركزي، هيئة قناة السويس و”مصر للطيران” لضمان التمثيل القطاعي والجغرافي المتكامل. أن غرفة التجارة الدولية بباريس هي أكبر منظمة أعمال في العالم ، حيث تجمع كافة دول العالم وتتضمن المحكمة الدولية للتحكيم، اتحاد الغرف العالمي واللجان القطاعية التي تضع أسس التجارة العالمية والإجراءات والتعريفات التجارية والبنكية ونظم الاتصالات والتجارة الإلكترونية والنقل الدولي كما أن لها صفة المراقب بالأمم المتحدة .تزايد عدد القضايا التى رفعها المستثمرون الأجانب ضد مصر فى محافل التحكيم الدولية فى ظل غياب للشفافية حتى إننا لا نستطيع متابعة عدد القضايا التى وصل عدد المعلن عنها حتى اليوم أكثر من 22 قضية قد رفعت من خلال المركز الدولى لفض النزاعات المتعلقة بالاستثمار “جهة تابعة للبنك الدولى” وقد بلغ عدد القضايا التى رفعت ضد مصر بعد ثورة ٢٥ يناير أكثر من سبعة قضايا وتواجه مصر نتيجة هذه القضايا مطالبات بأكثر من 20 مليار دولار سنوياً فى مواجهة المستثمرين الأجانب، ولعل أشهر تلك القضايا قضية “سياج” للاستثمارات السياحية حول أرض طابا والتي تبين قيام الشركة ببيعها لمستثمرين إسرائيليين ليتم اللجوء إلى مركز التحكيم الدولي التابع للبنك الدولي في واشنطن ويصدر حكم بتغريم مصر 300 مليون دولار، ويليه حكم مركز التحكيم الدولي بـ “مدريد” الصادر بتغريم مصر 530 ملايين دولار فى قضية وزارة الطيران المدني وهيئة بريطانية حول مطار “رأس سدر” وما حدث بقضية الهرم أو جنوب الباسفيك بين وزارة السياحة وشركة بريطانية حول هضبة الهرم بعد قيام الجانب المصري بفسخ العقد المبرم ليُصدر حكم تحكيم ضد مصر بمبلغ قدره 36 مليون دولار وبعد تسوية الأمر تم دفع حوالي 19 مليون جنيه، نهاية بالقضية الأخطر والتى لم يصدر حكم بات بها حتى وقتنا هذا وهى قضايا التحكيم المرفوعة ضد مصر من قبل شركة الكهرباء الإسرائيلية وغاز شرق المتوسط وبعض الشركاء المساهمين فيها، وهم حسين سالم رجل الأعمال “الهارب” ومجموعة ميرهاف الإسرائيلية وشركة إمبال الإسرائيلية ــ الأميركية وشركة بي بي تي التايلندية والتى قد تؤدى إلى الحجز على طائرات مصر للطيران حال هبوطها فى المطارات الخارجية، أيضاً أملاك وأموال الحكومة المصرية في العالم عدا السفارات إذا لم تستطع الحكومة تسديد المبالغ. ولعل كل ما سبق يؤكد على وجود ثغرة قانونية فى النطاق القانونى لمسألة التحكيم فى مصر رغم كونه وسيلة مستحدثة لحل منازعات الإستثمار بعيداً عن القضاء التقليدى تتفادى ضياع الوقت وتوفر الجهد إلا أن المتوقع من تلك الوسيلة لم يتحقق نتيجة للعديد من الاسباب مما أدى الى عدد من النتائج السلبية التى تهدم منظومة حركة الأموال والإستثمار مما يؤثر على إقتصاد دولة متهالك. وفى سبيل التعرف على الزواية القانونية التى يمثلها التحكيم أن قانون الإستثمار عندما تضمن بين نصوصه الإلتجاء للتحكيم كان ذلك من عوامل حصول مصر علي المراكز الأولي في جذب الاستثمار فى فترة ولكن الأزمة هى طريقة التعاطى مع إعداد المحكمين التى أنتهجت أسلوب يشبه “السبوبة” بعد أن أنتشرت المراكز بشكل عشوائى دون رقابة من وزارة العدل مما أخرج عدد من المحكمين يحملون “كارنيه” محكم دون كفاءة أو قدرة على صياغة عقود وهوما تسبب فى خسارة تلك القضايا فى الوقت الذى لا يتم فيه اللجوء الى أصحاب الخبرة فى المجال، بالإضافة الى أن هناك عامل أخر يتمثل فى تضارب سياسات الإستثمار وقوانين التجارة الدولية وعدم إلمام البعض بالإتفاقات الدولية. فيما أكد مصدر مسئول من وزارة الإستثمار أن الدولة تسعى دوماً لإيجاد حلول لبعض الإشكاليات التى تعوق الإستثمار وفى سبيل ذلك تم إنشاء المحكمة الإقتصادية ومن ثم إقرار التحكيم ضمن قانون الاستثمار كوسيلة لحل النزاعات من أجل الحفاظ على مصالح الوطن، وفيما يخص التحكيم فالحكومة لا تضع معوقات أمام الاستثمار رغم إصرار المستثمرين على تضمين العقود شرط التحكيم وهو ما يتطلب التواصل بين وزارتى العدل والإستثمار من أجل تقنين الأوضاع والعمل على إبراز كوادر قادرة على التصدى للتحديات الإقتصادية المعاصرة.
وحول وجهة النظر الاقتصادية أن العديد من العوامل تؤثر فى الحركة الإستثمارية فى مصر مثل المعوقات البيروقراطية التى يصطدم بها المستثمرين الأجانب، تضارب سياسات الإستثمار، وعدم تشجيع الإستثمارات الوطنية وإنما يتم إبعادها بطرق مختلفة عن السوق المحلى والعديد من العوامل التى أضيف إليها مؤخراً “التحكيم الدولى” الذى ثبت من خلال الدعاوى التى يرفعها المستثمرين على مصر وتصدر أحكام بخسرتها نتيجة لعدم وجود كفاءات قادرة على التعامل مع الثغرات التى يضمنها بعض المستثمريين عقودهم بهدف إستغلال الجهل بالإتفاقيات والقوانين لدى القانونيين المصريين والحصول على أموال تعويضات قد تفوق فى بعض الأحيان نسبة ما أستثمر فعلياً فى مصر مما يستتبعه إنتقاص من الموازنة العامة للدولة التى لا تعد قادرة على التعامل مع الشأن الداخلي حتى يتم زيادة أعبائها من أجل استثمارات وهمية. أن التحكيم كوسيلة وكشرط فى العقود لا تأخذ به بعض الدول ومع ذلك فإنها من أكثر الدول جذباً للاستثمار حيث أن المستثمر دوماً ما يبحث عن الأسواق الاقتصادية الأكثر استقرارا، وللعلم فإن السياسة الخاطئة فى التعامل مع التحكيم كبدت العالم العربي خسارة أكثر من 750 قضية تحكيم، بخلاف المشروعات المتوقفة دون حلول حتى اليوم. أن التحكيم كبديل موازى للقضاء أفتقد الثقافة الخاصة بالتحكيم مما لم ينتج عنه فى النهاية إلا نقص فى الكفاءة القانونية، إلى جانب غياب الرقابة والتوعية من جانب وزير العدل أنه فيما يخص قضية شركة “ماليكورب” فقد تم الإلتجاء الى المكتب الكندى بباريس للدفاع عن مصر أمام مركز “الأكسيد” التابع للبنك الدولي والذي طالب كثير من فقهاء القانون بضرورة إعادة النظر فى الخضوع لإختصاصاته، بسبب تهديد أحكامه للمصالح الوطنية ، وهو ما يتم بالفعل فى كثير من الدول العربية التى خسرت أمام هذا المركز عشرات المليارات وهو ما تم بالفعل فى قضية ميناء رأس سدر. ان 90% من قضايا التحكيم الدولي المقامة ضد مصر تتعلق باحكام إلغاء خصخصة الشركات، فى حين لا توجد أية قضية تحكيم فى المشروعات الجديدة التى طرحتها الحكومة للمستثمرين وهو ما يؤشر على تزايد درجة الأمان وقانونية الإجراءات في طرح المشروعات. أن السبب الرئيسى لزيادة قضايا التحكيم الدولي هى الاتفاقيات الاستثمارية الثنائية التى عقدتها مصر مع أكثر من 100 دولة حول العالم، وهى الاتفاقيات التي تنص على اللجوء إلى التحكيم الدولي في حالة الخلاف. وان اتفاقيات الاستثمار الثنائية BIT، وهى اتفاقيات تنظم الاستثمار بين دولتين، هي «الأكثر تكبيلا لقدرة مصر على محاسبة فساد نظام مبارك، وتسبب الانتقاص من قيمة القضاء المصري وأحكامه ببطلان العديد من العقود الفاسدة».
فإن المستثمر المصرى يجب أن يحترم القضاء المصري أما المستثمر الأجنبى فلا يحتاج لأن يمر بالمحكمة المحلية، كما حدث فى قضية سياج، حيث قام رجل الأعمال المصري الأصل وجيه سياج برفع دعوى ضد الحكومة المصرية امام التحكيم الدولى مستغلا حصوله على الجنسية الإيطالية واستطاع تكبيد الحكومة تعويضا بلغ أكثر من 400 مليون جنيه. ومن العيوب العديدة للتحكيم الدولي، فمتوسط سنوات التحكيم الدولي تبلغ 3 سنوات و6 أشهر، وهو ما ينفى حجة اللجوء إليها بسبب بطء التقاضى المحلى، وعلى سبيل المثال، استغرقت قضية «سوثيرن باسيفك للعقارات ــ الشرق الأوسط» ضد مصر 7.7 سنوات، هذا بالإضافة لارتفاع تكاليف التقاضى فى التحكيم الدولي حيث دفعت مصر 6 ملايين دولار فى قضية سياج، فى 2009، حتى فى حالة عدم الخسارة فمصر تخسر التكاليف العالية للتقاضى. هذا بالإضافة للتدخل فى السيادة المصرية، فمن الدعاوى المهمة بعد الثورة دعوى شركة فيوليا الفرنسية التى ادعت أن تطبيق الحد الأدنى للأجور فى مصر سيضر باستثماراتها ويمثل خرقا لاتفاقية مصر وفرنسا الثنائية، «على مصر أن تستأذن قبل تعديل سياستها»،. وذكر الانكتاد «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية» أن أحكام الاستثمار المرتبطة باتفاقيات التجارة الحرة تعوق قدرة الحكومة فى العمل من أجل شعبها وقال الانكتاد إن هناك طفرة فى حالات التحكيم الدولى فى 2012، وأرجع ذلك إلى زيادة عدد الاتفاقيات الثنائية، وقال تقرير المنظمة إن 68% من الدول المتضررة من التحكيم كانت الدول النامية. وتحتل مصر مرتبة مهمة بين الدول النامية «المتضررة من التحكيم الدولي»، لأن مصر هي ثالث دولة في العالم التي تتعرض للتقاضي من مستثمرين أجانب، بعد الأرجنتين وفنزويلا، حيث أعلن المركز الدولى لتسوية منازعات الاستثمار أن هناك 22 قضية ضد مصر فى هذا المركز فقط، 11 مستمرة و11 تم الفصل فيها، 2 لصالح مصر و4 لصالح المستثمر الأجنبي، وتم تقسيم المصروفات في باقي القضايا. وبين عامي 2011 و2013 كانت مصر رابع دولة على العالم بـ10 قضايا وفقا لبيانات المركز الدولي.
أنه على الحكومة المصرية أن تحاول بشكل جيد الخروج من مأزق الاتفاقيات الثنائية والتحكيم الدولى وتذكر عددا من الأمثلة الدولية الناجحة فى الخارج، حيث قامت الأرجنتين باستغلال ثغرات قانونية فى هذه الاتفاقيات للامتناع عن تنفيذ الأحكام، وألغت جنوب أفريقيا اتفاقيتها الثنائية معه بلجيكا بعد خسارتها لقضية مع شركة بلجيكية، واستراليا لم تعد تناقش أحكاما متعلقة بتسوية المنازعات الاستثمارية بين المستثمر الاجنبى والدولة فى اتفاقياتها التجارية مع دول أخرى. إن الحكومات المصرية بعد الثورة أصرت على اتباع نهج مبارك فى حماية الاستثمار الأجنبى على حساب الدولة، باستثناء حكومة عصام شرف، التى ألغت وزارة الاستثمار، وأعلن على السلمى نائب رئيس الوزراء وقتها إلغاء برنامج الخصخصة وتشكيل لجنة لمراجعة عقود الشركات التى تم التخلص منها، «مبادرات السلمى كانت الأكثر ثورية، بينما الحكومات الأخرى اتفقت على أن الفساد مقبول فى مصر، بهدف تشجيع الاستثمار. مشكلة خسارة مصر لقضايا التحكيم الدولي وتكبدها لغرامات تصل في أغلب الأحيان إلي ملايين الدولارات ترجع إلي نقص الكوادر والكفاءات والخبرات القانونية والاقتصادية في إبرام العقود التجارية مع الشركات أو الهيئات الأجنبية إلي جانب ضعف القوانين والتشريعات الداخلية وتضارب سياسات الاستثمار في بعض الأحيان مما أدي إلي تكبد مصر خسائر فادحة في كثير من القضايا التي طرحت علي مستوي التحكيم الدولي.
أشهر قضايا التحكيم الدولي
قضية شركة سياج للاستثمارات السياحية مع الحكومة المصرية حول السيطرة علي أرض طابا والتي قامت شركة سياج للاستثمارات السياحية ببيعها لعدد من المستثمرين تبين بعد ذلك أن من بينهم إسرائيليين والتي أنهي مركز التحكيم الدولي التابع للبنك الدولي في واشنطن المرافعات في الاتجاه إلي خسارة مصر ودفعها تعويض «300» مليون دولار، علاوة علي القضية التي كبدت مصر حوالي 530 مليون دولار التي كانت بين وزارة الطيران المدني وبين هيئة بريطانية حصلت علي أحقية بناء مطار في مدينة رأس سدر ولمخالفة الجانب المصري لبنود العقد تم إحالة القضية إلي مركز التحكيم الدولي بمدينة مدريد الاسبانية تم الحجز علي ما يوازي 530 مليون دولار من أموال وزارة الطيران بالبنوك الخارجية لصالح الهيئة البريطانية.
ومن هذه القضايا صفقة إطارات السيارات لأحدي الماركات العالمية والتي بعد أن أغرقت السوق المصري بها تبين أنها غير مطابقة للمواصفات ونتيجة للفساد وقف الجانب المصري مكتوف الأيدي ولم يطالب بحقه.
أن مصر خسرت 76 قضية عقود إنشاءات خارجية من إجمالي 78 قضية نتيجة عدم وعي الشركات العقارية ببنود العقود واشتراطاتها من بينها قضايا لشركات حكومية وقعت في نفس الأخطاء بل إنها من أكثر الشركات وقوعاً في هذه الأخطاء. أن العقود الحالية تعد بؤراً لفتح باب الفساد وبها الكثير من العيوب والثغرات وعليه فيجب تغييرها، كما يجب أن تحرر العقود باللغتين العربية والانجليزية.
إن هناك 3 قضايا تحكيم دولى مرفوعة ضد مصر من كابتن قبطان أسامة الشريف أردنى الجنسية بقيمه 490 مليون دولار، أن القضية الأولى تتعلق بعقد إنشاء المراكز الجمركية اللوجستية بموانى ومطارات مصر، والثانية بشأن محطة الصب السائل الخاصة بالمنتجات البترولية فى ميناء شرق بورسعيد، والثالثة خاصة بعقد امتياز إنشاء أنابيب تخزين غاز البترول بميناء السخنة، أن المدعى طلب تعويضا فى هذه القضايا يقدر 490 بمليون دولار. مشروع سياج.. مليكورب.. وينا.. هضبة الهرم.. وغيرها كلها نماذج لقضايا تحكيم خسرت فيها الحكومة المصرية ملايين الدولارات خلال السنوات القليلة الماضية
أن عدم الحرفية القانونية في إبرام العقود التجارية بين الطرف المصري والآخر الأجنبي علي المستوي العالمي أحد الأسباب الرئيسية في خسارة هذه القضايا إلي جانب نقص الكفاءات أو عدم الاستعانة بهم إن وجدوا. إن المنطقة أخذت شوطاً كبيراً في مجال التحكيم علي المستوي العالمي في حين بدأت مصر هذا الموضوع في عام 1966 ومنصوص عليه في المواد من 50 إلي 511 من أحكام قانون المرافعات ولكنها تفيد قضايا التحكيم الإداري وكيفية الإجراءات والتحكيم وما إلي ذلك. أن الإشكالية تكمن في أن معظم الهيئات الأجنبية تصدر في عقودها مع الجانب المصري دائماً شرط التحكيم الدولي كبند أساسي في العقد ونظراً لحداثته في مصر، فصاحب الحق دائما يكون الممثل الأجنبي وخير دليل علي ضعف الجانب المصري في هذه القضايا ما حدث في قضية الهرم أو جنوب الباسفيك والتي كانت بين وزارة السياحة وشركة بريطانية والمكلفة ببناء شاليهات حول هضبة الهرم وبعد أن قامت هذه الشركة بإحضار جميع معداتها والبدء في إجراءات التنفيذ قام الجانب المصري بفسخ العقد المبرم مما كبد مصر مبلغا قدره 36 مليون دولار بعد اللجوء لعملية التحكيم وبعد تسوية الأمر تم دفع حوالي 18 مليون فعلياً.
إن لحداثة ظاهرة التحكيم خاصة في ظل ظهور اتفاقيات تجارية دولية كثيرة مع منظمة التجارة العالمية مثل الجات والكويز يمكن أن تكون سبباً وراء ذلك ولكن يجب أن نعترف بضعف مستوي الكوادر وتضارب القوانين الخاصة بالتجارة الدولية وعدم تناسقها، فهناك قانون يضارب آخر وهنا ندخل في مصيدة الخطأ ونخسر هذه القضايا كما يعاب علي مصر أنها بلد طاردة للاستثمار بسبب عدم تناسق السياسات وعدم وجود توجهات واستراتيجيات ثابتة في التعامل التجاري الدولي أن مصر ليس بها نقص كوادر أو كفاءات قانونية واقتصادية بل علي العكس فهي زاخرة بكفاءات علي مستوي عال في مجال التحكيم الدولي، وهناك كثير من الدول العربية استعانت بمحكمين مصريين بناء علي سمعة مصر الطيبة في مجال التحكيم الدولي، كما أننا يجب أن نفرق بين التحكيم الدولي العام وهو المتعلق بقضايا مصرية مع دولة أخري مثل قضية طابا والتحكيم الدولي الخاص الذي يكون بين مصر واحدي الشركات العالمية أو بين شركة مصرية وأخري أجنبية. عد مرور 36 عاما بالرغم من توقيع مصر علي معاهدة نيويورك للتحكيم الدولي التي وضعت عام 1958 إلا أنها لم تفكر في وضع قانون خاص بهذا التحكيم إلا بعد مرور 36 عاما وهو القانون 27 لسنة 1994 وظل غير مفعل لعدة سنوات حتى بدأ إنشاء مراكز للتحكيم وصلت الآن إلي أكثر من ألف مركز تختلف فيما بينها من حيث القوة والفعالية. ويلجأ إلي هذا النوع من التحكيم من يريد سرعة التقاضي، خاصة أن بعض القضايا قد تمر عليها عدة سنوات في المحاكم حتى يتم الحكم فيها وهو ما يكبد المتنازعين أموالا طائلة.
- في البداية ما هو التحكيم؟
ببساطة شديدة هو اتفاق الأطراف المتنازعة في مسألة معينة علي إخضاع نزاعهم إلي طرف ثالث يختارونه لحسم هذا النزاع بقرار يلزمهم.
وما الفارق بينه وبين القضاء العادي؟
القضاء العادي هو احد سلطات الدولة العامة. والقاضي موظف عام له ولاية قضائية دائمة تقوم مهمته علي إصدار أحكام قضائية ويتقاضي راتبا من الدولة عن عمله ولا يتقاضي أجراً من الخصوم. أما التحكيم فهو اتفاق ينشأ بمقتضاه نظام إجرائي قضائي مؤقت مقصور علي نزاع معين بنطاق محدد يقوم عليه شخص عادي له ولاية قضائية مؤقتة تنتهي بإصدار الحكم المنوط به إصداره ويأخذ أجره ممن يصدر ضده الحكم.
- ومن أين جاءت فكرة التحكيم؟
لما شهدت الولايات المتحدة الأمريكية كسادا اقتصاديا هائلا عام 1958 كانت القضايا المتنازع عليها خاصة التجارية والمالية تستغرق وقتا طويلا ففكروا في التحكيم فكانت معاهدة نيويورك لعام 58 وتنص علي أن كل الدول الموقعة يتم تطبيق التحكيم علي أراضيها في منازعات الاستثمار وكان من تلك الدول مصر والسعودية وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا. وبعدها تم عمل اتفاقية باريس للتحكيم عام علي أن يكون لها مركز إقليمي خاص بها1961.
- ومتى يلجأ الطرفان إلي التحكيم؟
التحكيم مبني علي الاتفاق والتراضي فعند توقيع اتفاقية تجارية أو استثمارية أو غيرها بين طرفين فإنهما ينصان في العقد علي اللجوء عند النزاع إلي التحكيم وهذا يعني أن يد القضاء غلت. ويكون التحكيم دوليا إذا كان أحد المتنازعين أجنبيا. والتحكيم يسمي القضاء الخاص ويكون أجر المحكم علي الشريكين بالتساوي لحين الفصل في الدعوي ثم يتحمله المحكوم ضده. وللطرفين الاتفاق علي كل شيء حتى المكان الذي يتم التحكيم فيه وعدد من يقوم بالتحكيم بشرط أن يكون عدداً فرديا. ولأحد المتنازعين الحق في رد هيئة التحكيم ولا تتجاوز قضية التحكيم إثني عشر شهرا إلا باتفاق الطرفين، ويكون حكم التحكيم ملزما ولا يجوز الطعن عليه.
- وما أهم مميزات التحكيم؟
يتميز التحكيم عن القضاء العادي بأنه وسيلة سهلة وسريعة لفض المنازعات لذا يطلق عليه العدالة الناجزة، وبعد الفصل في الدعوي يتم إخطار أقرب محكمة ابتدائية للتنفيذ الفوري. ويتميز التحكيم والتحكيم التجاري علي وجه الخصوص في مواجهة القضاء الوطني بالمرونة والموضوعية ويستند إلي السرية والخصوصية في تناول المسائل محل النزاع، كما يتصف بالحياد وتوافر الثقة والطمأنينة.
- وهل يكون التحكيم الدولي إجبارياً أم اختيارياً؟
قد يكون اختياريا، أو إجباريا. والفارق بينهما أن الدولة التي تقبل بالتحكيم الاختياري غير مجبرة علي عرض نزاعها أمام أي جهة دولية لتسويته، بل يكون لها مطلق الحق في قبول أمر ذلك التحكيم أو رفضه. أما التحكيم الإجباري فيمكن رده في حالة موافقة الدولة علي الاتفاقيات الخاصة أو بمقتضي نص في اتفاقية عامة، أي المصادقة والقبول بالاتفاقيات الثنائية بين الدول أو تلك الاتفاقيات الدولية التي تدخل الدولة في إطار الإجبار علي التحكيم متي حدث نزاع بينها وبين دولة أخري وقعت علي تلك الاتفاقيات. ومن أشهر الاتفاقيات الدولية تلك التي جاءت بمؤتمر لاهاي 1899 والتي شجعت مبدأ التسوية السلمية للنزاعات الدولية.
- وما الفارق بين التحكيم التجاري والدولي؟
قد يكون التحكيم دولياً من خلال نزاع دولي كتحكيمات الحدود ومن أبرزها تحكيم طابا بين مصر وإسرائيل، والتحكيم الذي حدث بين الهند وباكستان بشأن إقليم كوتش، وتحكيم جزر حنيش بين اليمن واريتريا. أما التحكيم الذي يعني بالعقود والمعاملات الدولية فيسمي بالتحكيم التجاري ويدخل في إطار القانون المحلي أو الدولي الخاص، وكذلك القوانين التجارية الدولية أو قوانين الأعمال الدولية. وقد عرّفت المادة 36 من اتفاقية لاهاي الثانية 1907 التحكيم بأنه تسوية للنزاعات بين الدول بواسطة قضاة من اختيارهم وعلي أساس من احترام القانون.
- وما أهم مراكز التحكيم التجاري الدولية؟
أشهرها: مركز التحكيم الدائم في جنيف، ومركز تحكيم لندن، ومركز التوفيق والتحكيم للغرف التجارية والعربية والأوروبية، ومركز تحكيم القاهرة الإقليمي.
- ومتي يكون التحكيم وطنياً؟
يكون التحكيم وطنياً إذا كان أطرافه ينتمون إلي دولة واحدة، أما إذا كان أحد أطرافه أجنبياً فيكون التحكيم أجنبياً. وطبقا لاتفاقية نيويورك فإن التحكيم يكون أجنبياً أو وطنياً بالنظر إلي ارتباط التحكيم بصدور قرار المحكمين، أي إنه إذا صدر قرار المحكمين في غير الدولة المراد تنفيذ الحكم علي إقليمها يكون التحكيم أجنبياً، لكن اتفاقية جنيف للتحكيم الدولي المبرمة في 1961 تري أن التحكيم الأجنبي مرتبط بمراكز إقامة الأطراف المتنازعة.
وقد حسمت فكرة صفة التحكيم بواسطة اتفاقية الأمم المتحدة للتحكيم التجاري المبرمة في 1985م التي اعتبرت التحكيم الأجنبي في حالة ما إذا كان الطرفان المتنازعان يقيمان في دولتين مختلفتين وقت تحرير اتفاقية التحكيم. ويعد التحكيم دولياً إذا تعلق موضوعه بمصالح تجارية دولية دون النظر إلي مكان التحكيم أو جنسية الأطراف.
- ولماذا تأخرت مصر في دخول هذا المجال حتى عام 94؟
هذا أمر مؤسف للغاية لأن السادة المسئولين المحسوبين علي النظام السابق احتقروه، لكن الأكثر دهشة أننا بعد وضع قانون للتحكيم في عام 94 ظل لعدة سنوات غير مفعل بدليل تعرضنا لحوالي 76 قضية تحكيم دولية لم نكسب منها سوي قضيتين إحداهما طابا بينما خسرنا 74 قضية أبرزها قضية سياج.
- وهل التحكيم في مصر مستقل عن وزارة العدل؟
لا. بل يتبع وزارة العدل وله قائمة بالمستشارين المعتمدين.
- وما سلبيات مراكز التحكيم في مصر؟
أهم السلبيات أن كثيرا منها لا تقوم بالإعداد الجيد لمستشاري التحكيم، بل هدفها الأساس هو تحقيق الربح المادي بعقد دورات ضعيفة المستوي لا تؤهل المدربين بالشكل الأمثل.
إن عدد قضايا التحكيم الدولي، المرفوعة ضد مصر حاليا، تصل إلى 31 قضية تحكيم دولية من المستثمرين الأجانب والعرب تبلغ قيمتها المالية ما يزيد على 100 مليار دولار. وتعد قضية وجيه سياج، أبرز قضايا التحكيم الدولي، التي حكم على مصر فيها بتعويض قدره 135 مليون دولار أى ما يعادل نحو 800 مليون جنيه مصري، يزيد من ذلك، أن مركز التحكيم الدولي يكبد الدول المتقاعسة عن السداد غرامات التأخير والتي تبلغ 9% كل ثلاثة أشهر أي ما يعادل نحو 36% سنويا. في ظل ارتفاع عدد دعاوى التحكيم الدولي المرفوعة ضد مصر، عاد من جديد الحديث عن قضايا المستثمرين الأجانب ضد مصر التي باتت تقدر بنحو 35 مليار دولار، وذلك نتيجة إلغاء قرارات الخصخصة، الأمر الذي أثار جدلاً بين الأوساط الاقتصادية خاصة أن هذا الأمر يؤكد أن الحكومة ستواجه صعوبات بالغة فى اجتذاب الاستثمارات للسوق المصري خلال الفترة المقبلة.
أن الحكومة ستكون فى ورطة حقيقية إذا نجح المستثمرون فى كسب الدعاوى القضائية مادام لم يتم إثبات تورطهم فى شبهة الفساد التى أكدتها الأحكام القضائية ، أن الكارثة ليست فى الدعاوى القضائية وإنما فى استرداد الحكومة لشركات وإعادتها للقطاع العام ولكن دون الاستفادة منها وإعادة تشغيلها إذ ان عدد المصانع المتوقفة عن العمل تتزايد يوماً عن يوم. أن حكومة الدكتور حازم الببلاوى فى أزمة حقيقية جراء تزايد عدد الدعاوى القضائية المرفوعة ضد مصر، لان عدد الدعاوى التى رفعها المستثمرون الأجانب تبلغ نحو 30 قضية، يتم النظر لنحو 15 قضية منها خلال هذه الأيام وتطالب الحكومة بسداد 16 مليار دولار من أبرز الشركات التى قامت برفع دعاوى تحكيم دولى ضد مصر ، وشركة « كوروب إنترناشيونال»، وشركة « إتش أند أتش» ، وشركة « فينوسا»، وشركة» ميناء السخنة»، وشركة» فيولا» ،» وشركة «الفطيم» الإماراتية، وشركة « أجريوم»، وشركة « أومو نيتسوا»، وشركة « داماك»، وشركة « أوتش» الألمانية. أن لجوء حكومة الدكتور حازم الببلاوى لتسوية خلافاتها مع المستثمرين ورجال الأعمال الأجانب سيعود بالفائدة على الاقتصاد المصرى خاصة وأنه سيؤدى لطمأنة جميع المستثمرين الذين يرغبون فى استثمار أموالهم فى ممصر، فضلاً عن أنه سيساهم فى عودة الاستثمارات العربية والأجنبية من جديد للسوق المصري. أن المستثمرين الأجانب إذا نجحوا فى كسب الدعاوى القضائية الخاصة بهم، فهذا الأمر ينذر بكارثة حقيقية لمصر خاصة وأن الوضع المالى لا يسمح على الإطلاق بسداد مليم من مستحقات المستثمرين الأجانب، لذا لابد على حكومة الببلاوى أن تقوم على الفور بالتصالح مع المستثمرين الأجانب وإرضائهم ، قبل أن تنقلب الأوضاع ولا تأتى فى صالح مصر، وهذا الأمر لن يتم سوى عن طريق منح هؤلاء المستثمرين الأجانب أراضى بأسعار تلائمهم وبتكلفة عادلة لإقامة مشاريع جديدة عليها مقابل سحب الدعاوى القضائية، بجانب منح تسهيلات للمستثمرين الذين يستثمرواً أموالهم فى مشروعات فى المناطق الحرة إذ أن هذا الأمر سيكون بداية الطريق لعودة الاستثمارات وإنقاذ الاقتصاد المصري من أزمة مقبلة. أن توالى الأحكام القضائية ببطلان خصخصة الشركات التى تم بيعها خلال عهد مبارك، بات هو العقبة الحالية أمام وزير الاستثمار فى التعامل مع المستثمرين الأجانب وبات بمثابة عقبة أو ما يشبه أزمة ثقة للمستثمرين العرب فى ضخ أية استثمارات جديدة للسوق المصري، الامر الذى يؤدى إلى ضعف حركة الاستثمارات الاجنبية.
أن من أبرز الشركات الأجنبية التى تضررت من إلغاء بطلان عمليات الخصخصة شركة أندوراما الأجنبية التى قامت برفع دعوى تحكيم دولى جراء إلغاء خصخصة شركة غزل شبين الكوم، وكذلك شركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز «إى أم جي»، وكذلك رجل الأعمال الإماراتى حسين سيجواني، صاحب شركة «داماك»، أن الحكومة لابد أن تسعى لضمان حقوق المستثمرين التى ضاعت جراء إلغاء التعاقدات التى تم إبرامها لامتلاك وإدارة الشركات، لان المستثمرين الأجانب لجأوا للتحكيم الدولي بعد إلغاء عقود الشركات التى تم خصخصتها من قبل بأحكام قضائية، وذلك لأن الحكومة المصرية تخضع للتحكيم الدولي بموجب الاتفاقيات الدولية، لذا لابد من أن تبذل الحكومة قصارى جهدها من أجل ضمان استقرار الوضع الداخلي بشأن الاستثمارات الأجنبية ، وذلك ضماناً لعودة الاستثمارات الأجنبية وكذلك العربية من جديد للسوق المصري.
حكم يصدر فى إطار المركز الإقليمي للتحكيم بالقاهرة
وهو الحكم الصادر فى 7 يوليو سنة 1985 بالقاهرة فى النزاع بين شركة نمساوية ووزير الزراعة المصرى. ويتعلق النزاع باتفاق مقاولة مبرم فى 27 مايو سنة 1982 بين الشركة ووزير الزراعة ، مؤادة قيام الشركة بعمليات رش القطن بالطائرات لمواسم سنة 1984،1983،1982 .وأثناء قيام أحد طيارى الشركة فى 9 سبتمبر سنة 1983 من مطار أسيوط ،فوجىء بسيارة بها مدير زراعة أسيوط تقطع ممر المطار بالعرض ، فحاول تفادى الحادث بالتخلص من حمولة الطائرة من المبيدات فأدى ذلك لصعود الطائرة بحدة ثم سقوطها فى حقل على يسار المهبط ، وتحطمت بالكامل وأصيب الطيار . فطالبت الشركة وزير الزراعة بالتعويض ، بسبب خطأ تابعى الوزراة الذى أحدث الأضرار المادية التى لحقت بالشركة ، وتتمثل فى تحطيم الطائرة ، وفيما فاتها من كسب بسبب حرمانها من استغلال الطائر ة فى عمليات الرش عن المدة من 9/9/1985 حتى 25/9/1985وهو تاريخ انتهاء العقد ، وفيما فاتها من كسب لعدم استغلال الطائرة فى الرش بجمهورية السودان وفقاً لعقد مبرم فى 20يوليو سنة 1983 . وأسندت فى ذلك إلى أن وزارة الزراعة قد أخلت – بخطأ تابعيها – بإلتزام تعاقدى هو مسئوليتها عن تأمين سلامة مهبط الطائرة ضد دخول الأفراد والعربات . وقد دفع وزير الزراعة بأن الوزارة ليست مسئولة عن تأمين سلامة المهبط ضد دخول الأفراد والمركبات وفقاً لعقد المقاولة ، وإنما تلتزم فحسب بتحذير الأهالى بالابتعاد أثناء عمليات الرش الجوى للحق وأن الشركة هى التى أخطأت ؛ إذ لم يتأكد الطيار من خلو الممر من العوائق عند سيره بالطائرة على الممر ، كما أن الشركة سمحت للطائرة بالطيران رغم عدم ملاءمة الأحوال الجوية يوم الحادث لإجراء عمليات الرش ولأسباب أخرى أدت لوقوع الحادث . ولما كان طرفا العقد قد اتفقا على حل منازعتهما وفقاً لقواعد مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم . وفوض الطرفان مدير المركز فى تعيين محكم فرد . وفعلاً قرر فى 9/9/1984 تعيين د . فتحي عبد الصبور محكماً وحيداً في الدعوى . الذي طبق على إجراءات التحكيم القواعد التى يطبقها المركزUNCITRAL.
. فإذا كانت هيئة التحكيم قد صرحت بتطبيق القانون الدولي العام بالنسبة لمسائل الإجراءات ، فهي لم تصل لنتيجة مختلفة عن ذلك بالنسبة لموضوع النزاع . شكل قسم المنازعات الخارجية بهيئة قضايا الدولة هيئة تحكيم لإعداد مذكرات دفاع بعد أن أقامت شركة “اوتش” للوحات المعدنية دعوى تحكيمية أمام المركز الدولى لفض المنازعات الاستثمارية “أكسيد” بواشنطن، ضد مصر، مطالبة بالتعويض المالى عن الأضرار التى لحقتها جراء فسخ العقد المبرم بينها وبين الحكومة المصرية لتوريد لوحات معدنية خاصة بأرقام السيارات داخل الدولة. وحتى الآن لم يتم تحديد قيمة التعويض الذي تطالب به الشركة ضمن ما ورد بإخطار التحكيم المرسل لمصر وقد احتفظت الشركة المحتكمة “اوتش” بحقها فى تحديد إجمالي التعويض المطلوب فى مذكرات لاحقة أمام التحكيم.
الجديد بالذكر أن محكمة الجنايات كانت أصدرت حكما فى عام 2011 بحبس أحمد نظيف وصاحب شركة “اوتش” سنة مع إيقاف التنفيذ والسجن 10 سنوات لوزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالى ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى بالسجن 5 سنوات وألزمتهم برد مبلغ 92 مليون جنيه للدولة وتغريمهم مبلغا مساويا. كنا نتوقع أن يلجأ بعض المستثمرين العقاريين للمحاكم الدولية للقفز على أحكام القضاء المصرى ومحاولة الاحتفاظ بما استولوا عليه من أراض قبل ثورة يناير بطرق غير مشروعة أو ابتزاز الدولة المصرية، وبالفعل صدقت توقعاتنا، حيث أكد حسين السجواني رئيس شركة داماك العقارية فى تصريحات صحفية أنه فوض مستشارا قانونيا دوليا لرفع طلب تحكيم دولي ضد مصر إلى المركز الدولي، بعد الحكم الصادر ضده بالسجن خمس سنوات لتورطه في عملية شراء30 مليون متر مربع في منطقة خليج جمشا على ساحل البحر الأحمر بطرق غير مشروعة، وهو ما اعتبره سجوانى حكما سياسيا، نافيا وجود دليل واحد على ارتكابه أي مخالفة قانونية. حولها شبهات الاستيلاء علي أراضي مصر إلي اللجوء للتحكيم الدولي بشأن عقود الأراضي التي حصلت عليها في ظل الفترات السابقة التي كان يخيم عليها حالة من عدم الشفافية، أن احتمالية لجوء «الفطيم » إلي ذلك التحكيم بسبب أرض مشروع فيستفال سيتي بالتجمع الخامس ربما يعتبر حالة خاصة، لأن هذه الأرض سبق وتم سحبها ثم تصالحت عليها الفطيم مع الدولة، بدفع مبلغ قدره حوالي 420 مليون جنيه مصري، وذلك نهاية العام الماضي وقبل قيام الثورة ليعاد بيع المتر بمبلغ 1500 جنيه بدلا من 150 جنيها، ويقدر الجوهري سعر المتر الآن بتلك الأرض بحوالي 3آلاف جنيه، ولكن بعد المصالحة التي تمت لم يتبق ما يفصل في الأمر سوى بنود العقد الذي وقعته الشركة. ونفي الجوهري مزاعم بعض الشركات بأن ما يجري معها من ملاحقات هو مجرد تصفية حساب مع النظام السابق ومجرد موقف سلبي من وزير الإسكان السابق أحمد المغربي، مؤكدا أنه لا يوجد عداء شخصي بين الحكومة وهيئة المجتمعات العمرانية من ناحية وبين المستثمرين الأجانب من ناحية أخري، وأنه لا مجال للزعم بأن ما يتم هو تصفية حسابات لعدم وجود صلة مباشرة بين هذه الشركات والوزير السابق يمكن أن يضار بها. إن اللجوء للمحاكم الدولية يجب أن يسبقه محاكمة محلية أولا ثم اللجوء للتحكيم الدولي إذا رأوا أن الحكم– إنه من حق أي مستثمر أجنبي وقع عليه ضرر أن يلجأ لمقاضاة مصر دوليا، ولكن العبرة في النهاية بالنتائج وما إذا كانت هذه الشركات محقة في دعواها أم لا، وأنه في حالة وجود شبهة فساد في التعاقد سوف ينصف التحكيم الدولي مصر، أما إذا كانت للشركات الأجنبية التي لها مشاريع في مصر حق ووقع عليها ضرر فالمهم هو تحقيق العدالة.
، وهو ما أثار التساؤلات حول سبب استمرار خسارة الجانب المصرى فى هذه القضايا، البعض قال إن السبب هو نقص الكوادر القانونية القادرة على التعامل مع هذه القضايا، والبعض الآخر نفى ذلك وأكد كفاءة رجال القانون المصريين، فى حين اتهم آخرون ضعف القوانين المحلية وتضارب السياسات الاستثمارية إلى جانب الفساد الإدارى، بأنها أهم العوامل التى مكنت رجال الأعمال الأجانب من الحصول على أحكام لم يكونوا يستطيعون الحصول عليها إذا وجدت قوانين تحمى المصالح القومية. قضية شركة سياج للاستثمارات السياحية مع الحكومة حول السيطرة على أرض طابا، من أشهر قضايا التحكيم التى تشغل الرأى العام هذه الأيام، والتى أنهى مركز التحكيم الدولى التابع للبنك الدولى “أكسيد” فى واشنطن الحكم فيها بتغريم مصر 74 مليون دولار، بالإضافة إلى 60 مليون دولار أخرى كمصاريف، والمجموع 134 مليون دولار توازى نحو 750 مليون جنيه.
ان المرافعات تتجه إلي إدانة مصر بسبب العديد من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية لنزع الأراضي بعد بيعها لشركة سياج للاستثمارات السياحية وإدارة الفنادق، والتي يمتلكها «وجيه إيلاي جورج سياج» وقالت المصادر إنه من المنتظر صدور حكم بالإدانة ضد مصر وهو ما يلزم الحكومة بدفع تعويضات تزيد علي 300 مليون دولار لشركة سياج، رغم أن إجمالي الصفقة يقل عن ذلك بكثير، لأن سعر بيع متر الأرض لم يتجاوز 50 جنيهاً. وأوضحت المصادر أن دفاع الشركة استند بالدرجة الأساسية إلي توقيع الحكومة المصرية مايزيد علي 90 اتفاقية دولية خاصة بالاستثمار علي أرض مصر.. في الوقت الذي لم توقع الولايات المتحدة علي أكثر من 45 اتفاقية دولية بهذا الخصوص، وهو ما أضعف قدرة الطرف المصري علي الدفاع، الذي دفع بحجة خطر استثمار شركة سياج في منطقة طابا علي الأمن القومي. وكشف دفاع مصر في مرافعته أن وجيه سياج تعاقد مع شركة تسويق إسرائيلية عام 1994 دون علم الحكومة المصرية تحت زعم أن العقد يستهدف ضمان التدفق السياحي. وأضاف الدفاع أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، وأن السبب الرئيسي الذي دفع الحكومة المصرية ممثلة في ممدوح البلتاجي ـ وزير السياحة المصرية آنذاك ـ لإلغاء العقد عام 1995 هو اكتشاف أجهزة الأمن المصرية أن شركة «سياج» أعطت الحق للشركة الإسرائيلية في إدارة المشروعات علي الأرض المحددة للاستثمار، وأن من بين القائمين علي الشركة شخصيات وقيادات عسكرية إسرائيلية اشتركت في الحربين ضد مصر عامي 1967 و1973، وهو ما يشير إلي مخطط إسرائيلي لتملك أراض واسعة في سيناء لتكون عائقاً ضد تنميتها وتأكيد حماية الوجود الإسرائيلي علي الحدود مع مصر.. إلا أن هيئة المحكمين لم تلتفت لهذا الأمر باعتباره شقاً سياسياً لا يدخل في عمق القضية، واعتبرتها قضائية بالدرجة الأولي. وأوضحت المصادر أن سير المرافعات في غير صالح الطرف المصري دفع دفاع مصر في النهاية للتأكيد علي أنه لم يأخذ حقه في المرافعات كما أتيح لدفاع شركة سياج وأن هيئة التحكيم انحازت للمدعي ولم تكن عادلة، خاصة أن الطرف المصري دفع بعدم اختصاص المحكمة في السابق لكنها أصدرت حكمها بالاختصاص. وكشفت المصادر عن مفاجأة هي أن دفاع سياج استند إلي أربعة أحكام قضائية صادرة من مجلس الدولة لصالح وجيه سياج، وأن هذه الأحكام كانت حجة قوية أمام مركز التحكيم الدولي حتي أن المركز أصدر تقريراً هاجم الحكومة المصرية واتهمها بأنها «حكومة سلطوية لا تحترم أحكام القضاء».يذكر أن ممثل سياج في التحكيم كان المحكم الدولي الاسترالي «مايكل براريليس» ويدافع عنه المكتب الأمريكي «كينج إن سبولدنج» أما الجانب المصري فيمثله المحكم الدولي التشيلي «فرانشيسكو أوريجا ميتشونا» ويدافع عنه الدكتور أحمد كمال أبوالمجد وحازم روقانا من شركة «حلمي وحمزة وشركاؤهما» وهم الفرع المصري لشركة «بيكر آند ماكينزي» للمحاماة والتحكيم
أن التحكيم الدولي من الملفات الهامة التي يجب التركيز عليها ، حيث تتحمل الشركات والاقتصاد المصري ككل خسائر هائلة عند توقيع تعاقدات مع أطراف خارجية دون الدراية الكافية بالقواعد والقوانين التي تحدد إجراءات وطرق التحكيم الدولي عند حدوث أية منازعات تجارية أو استثمارية مع الطرف الآخر . وضرورة ضرورة تنظيم دورات تدريبية للإدارات القانونية في الشركات التي تتعامل مع الخارج للتعرف على قواعد التحكيم الدولي وكيفية إبرام التعاقدات والاطلاع على ما يطرأ من جديد في مجال التحكيم الدولي لتجنب الخسائر التي تلحق بالشركات والاقتصاد المصري ككل.
أن اللجنة المصرية لغرفة التجارة الدولية تم إنشاؤها بالقرار الجمهوري رقم 136 لسنة 1974 بهدف تمثيل الكيانات الاقتصادية المصرية في الغرفة الدولية وتجمع اتحادات الغرف التجارية والصناعات، الغرف السياحية، البنوك، التأمين، التعاونيات، البنك المركزي، هيئة قناة السويس و”مصر للطيران” لضمان التمثيل القطاعي والجغرافي المتكامل. أن غرفة التجارة الدولية بباريس هي أكبر منظمة أعمال في العالم ، حيث تجمع كافة دول العالم وتتضمن المحكمة الدولية للتحكيم، اتحاد الغرف العالمي واللجان القطاعية التي تضع أسس التجارة العالمية والإجراءات والتعريفات التجارية والبنكية ونظم الاتصالات والتجارة الإلكترونية والنقل الدولي كما أن لها صفة المراقب بالأمم المتحدة .تزايد عدد القضايا التى رفعها المستثمرون الأجانب ضد مصر فى محافل التحكيم الدولية فى ظل غياب للشفافية حتى إننا لا نستطيع متابعة عدد القضايا التى وصل عدد المعلن عنها حتى اليوم أكثر من 22 قضية قد رفعت من خلال المركز الدولى لفض النزاعات المتعلقة بالاستثمار “جهة تابعة للبنك الدولى” وقد بلغ عدد القضايا التى رفعت ضد مصر بعد ثورة ٢٥ يناير أكثر من سبعة قضايا وتواجه مصر نتيجة هذه القضايا مطالبات بأكثر من 20 مليار دولار سنوياً فى مواجهة المستثمرين الأجانب، ولعل أشهر تلك القضايا قضية “سياج” للاستثمارات السياحية حول أرض طابا والتي تبين قيام الشركة ببيعها لمستثمرين إسرائيليين ليتم اللجوء إلى مركز التحكيم الدولي التابع للبنك الدولي في واشنطن ويصدر حكم بتغريم مصر 300 مليون دولار، ويليه حكم مركز التحكيم الدولي بـ “مدريد” الصادر بتغريم مصر 530 ملايين دولار فى قضية وزارة الطيران المدني وهيئة بريطانية حول مطار “رأس سدر” وما حدث بقضية الهرم أو جنوب الباسفيك بين وزارة السياحة وشركة بريطانية حول هضبة الهرم بعد قيام الجانب المصري بفسخ العقد المبرم ليُصدر حكم تحكيم ضد مصر بمبلغ قدره 36 مليون دولار وبعد تسوية الأمر تم دفع حوالي 19 مليون جنيه، نهاية بالقضية الأخطر والتى لم يصدر حكم بات بها حتى وقتنا هذا وهى قضايا التحكيم المرفوعة ضد مصر من قبل شركة الكهرباء الإسرائيلية وغاز شرق المتوسط وبعض الشركاء المساهمين فيها، وهم حسين سالم رجل الأعمال “الهارب” ومجموعة ميرهاف الإسرائيلية وشركة إمبال الإسرائيلية ــ الأميركية وشركة بي بي تي التايلندية والتى قد تؤدى إلى الحجز على طائرات مصر للطيران حال هبوطها فى المطارات الخارجية، أيضاً أملاك وأموال الحكومة المصرية في العالم عدا السفارات إذا لم تستطع الحكومة تسديد المبالغ. ولعل كل ما سبق يؤكد على وجود ثغرة قانونية فى النطاق القانونى لمسألة التحكيم فى مصر رغم كونه وسيلة مستحدثة لحل منازعات الإستثمار بعيداً عن القضاء التقليدى تتفادى ضياع الوقت وتوفر الجهد إلا أن المتوقع من تلك الوسيلة لم يتحقق نتيجة للعديد من الاسباب مما أدى الى عدد من النتائج السلبية التى تهدم منظومة حركة الأموال والإستثمار مما يؤثر على إقتصاد دولة متهالك. وفى سبيل التعرف على الزواية القانونية التى يمثلها التحكيم أن قانون الإستثمار عندما تضمن بين نصوصه الإلتجاء للتحكيم كان ذلك من عوامل حصول مصر علي المراكز الأولي في جذب الاستثمار فى فترة ولكن الأزمة هى طريقة التعاطى مع إعداد المحكمين التى أنتهجت أسلوب يشبه “السبوبة” بعد أن أنتشرت المراكز بشكل عشوائى دون رقابة من وزارة العدل مما أخرج عدد من المحكمين يحملون “كارنيه” محكم دون كفاءة أو قدرة على صياغة عقود وهوما تسبب فى خسارة تلك القضايا فى الوقت الذى لا يتم فيه اللجوء الى أصحاب الخبرة فى المجال، بالإضافة الى أن هناك عامل أخر يتمثل فى تضارب سياسات الإستثمار وقوانين التجارة الدولية وعدم إلمام البعض بالإتفاقات الدولية. فيما أكد مصدر مسئول من وزارة الإستثمار أن الدولة تسعى دوماً لإيجاد حلول لبعض الإشكاليات التى تعوق الإستثمار وفى سبيل ذلك تم إنشاء المحكمة الإقتصادية ومن ثم إقرار التحكيم ضمن قانون الاستثمار كوسيلة لحل النزاعات من أجل الحفاظ على مصالح الوطن، وفيما يخص التحكيم فالحكومة لا تضع معوقات أمام الاستثمار رغم إصرار المستثمرين على تضمين العقود شرط التحكيم وهو ما يتطلب التواصل بين وزارتى العدل والإستثمار من أجل تقنين الأوضاع والعمل على إبراز كوادر قادرة على التصدى للتحديات الإقتصادية المعاصرة.
وحول وجهة النظر الاقتصادية أن العديد من العوامل تؤثر فى الحركة الإستثمارية فى مصر مثل المعوقات البيروقراطية التى يصطدم بها المستثمرين الأجانب، تضارب سياسات الإستثمار، وعدم تشجيع الإستثمارات الوطنية وإنما يتم إبعادها بطرق مختلفة عن السوق المحلى والعديد من العوامل التى أضيف إليها مؤخراً “التحكيم الدولى” الذى ثبت من خلال الدعاوى التى يرفعها المستثمرين على مصر وتصدر أحكام بخسرتها نتيجة لعدم وجود كفاءات قادرة على التعامل مع الثغرات التى يضمنها بعض المستثمريين عقودهم بهدف إستغلال الجهل بالإتفاقيات والقوانين لدى القانونيين المصريين والحصول على أموال تعويضات قد تفوق فى بعض الأحيان نسبة ما أستثمر فعلياً فى مصر مما يستتبعه إنتقاص من الموازنة العامة للدولة التى لا تعد قادرة على التعامل مع الشأن الداخلي حتى يتم زيادة أعبائها من أجل استثمارات وهمية. أن التحكيم كوسيلة وكشرط فى العقود لا تأخذ به بعض الدول ومع ذلك فإنها من أكثر الدول جذباً للاستثمار حيث أن المستثمر دوماً ما يبحث عن الأسواق الاقتصادية الأكثر استقرارا، وللعلم فإن السياسة الخاطئة فى التعامل مع التحكيم كبدت العالم العربي خسارة أكثر من 750 قضية تحكيم، بخلاف المشروعات المتوقفة دون حلول حتى اليوم. أن التحكيم كبديل موازى للقضاء أفتقد الثقافة الخاصة بالتحكيم مما لم ينتج عنه فى النهاية إلا نقص فى الكفاءة القانونية، إلى جانب غياب الرقابة والتوعية من جانب وزير العدل أنه فيما يخص قضية شركة “ماليكورب” فقد تم الإلتجاء الى المكتب الكندى بباريس للدفاع عن مصر أمام مركز “الأكسيد” التابع للبنك الدولي والذي طالب كثير من فقهاء القانون بضرورة إعادة النظر فى الخضوع لإختصاصاته، بسبب تهديد أحكامه للمصالح الوطنية ، وهو ما يتم بالفعل فى كثير من الدول العربية التى خسرت أمام هذا المركز عشرات المليارات وهو ما تم بالفعل فى قضية ميناء رأس سدر. ان 90% من قضايا التحكيم الدولي المقامة ضد مصر تتعلق باحكام إلغاء خصخصة الشركات، فى حين لا توجد أية قضية تحكيم فى المشروعات الجديدة التى طرحتها الحكومة للمستثمرين وهو ما يؤشر على تزايد درجة الأمان وقانونية الإجراءات في طرح المشروعات. أن السبب الرئيسى لزيادة قضايا التحكيم الدولي هى الاتفاقيات الاستثمارية الثنائية التى عقدتها مصر مع أكثر من 100 دولة حول العالم، وهى الاتفاقيات التي تنص على اللجوء إلى التحكيم الدولي في حالة الخلاف. وان اتفاقيات الاستثمار الثنائية BIT، وهى اتفاقيات تنظم الاستثمار بين دولتين، هي «الأكثر تكبيلا لقدرة مصر على محاسبة فساد نظام مبارك، وتسبب الانتقاص من قيمة القضاء المصري وأحكامه ببطلان العديد من العقود الفاسدة».
فإن المستثمر المصرى يجب أن يحترم القضاء المصري أما المستثمر الأجنبى فلا يحتاج لأن يمر بالمحكمة المحلية، كما حدث فى قضية سياج، حيث قام رجل الأعمال المصري الأصل وجيه سياج برفع دعوى ضد الحكومة المصرية امام التحكيم الدولى مستغلا حصوله على الجنسية الإيطالية واستطاع تكبيد الحكومة تعويضا بلغ أكثر من 400 مليون جنيه. ومن العيوب العديدة للتحكيم الدولي، فمتوسط سنوات التحكيم الدولي تبلغ 3 سنوات و6 أشهر، وهو ما ينفى حجة اللجوء إليها بسبب بطء التقاضى المحلى، وعلى سبيل المثال، استغرقت قضية «سوثيرن باسيفك للعقارات ــ الشرق الأوسط» ضد مصر 7.7 سنوات، هذا بالإضافة لارتفاع تكاليف التقاضى فى التحكيم الدولي حيث دفعت مصر 6 ملايين دولار فى قضية سياج، فى 2009، حتى فى حالة عدم الخسارة فمصر تخسر التكاليف العالية للتقاضى. هذا بالإضافة للتدخل فى السيادة المصرية، فمن الدعاوى المهمة بعد الثورة دعوى شركة فيوليا الفرنسية التى ادعت أن تطبيق الحد الأدنى للأجور فى مصر سيضر باستثماراتها ويمثل خرقا لاتفاقية مصر وفرنسا الثنائية، «على مصر أن تستأذن قبل تعديل سياستها»،. وذكر الانكتاد «مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية» أن أحكام الاستثمار المرتبطة باتفاقيات التجارة الحرة تعوق قدرة الحكومة فى العمل من أجل شعبها وقال الانكتاد إن هناك طفرة فى حالات التحكيم الدولى فى 2012، وأرجع ذلك إلى زيادة عدد الاتفاقيات الثنائية، وقال تقرير المنظمة إن 68% من الدول المتضررة من التحكيم كانت الدول النامية. وتحتل مصر مرتبة مهمة بين الدول النامية «المتضررة من التحكيم الدولي»، لأن مصر هي ثالث دولة في العالم التي تتعرض للتقاضي من مستثمرين أجانب، بعد الأرجنتين وفنزويلا، حيث أعلن المركز الدولى لتسوية منازعات الاستثمار أن هناك 22 قضية ضد مصر فى هذا المركز فقط، 11 مستمرة و11 تم الفصل فيها، 2 لصالح مصر و4 لصالح المستثمر الأجنبي، وتم تقسيم المصروفات في باقي القضايا. وبين عامي 2011 و2013 كانت مصر رابع دولة على العالم بـ10 قضايا وفقا لبيانات المركز الدولي.
أنه على الحكومة المصرية أن تحاول بشكل جيد الخروج من مأزق الاتفاقيات الثنائية والتحكيم الدولى وتذكر عددا من الأمثلة الدولية الناجحة فى الخارج، حيث قامت الأرجنتين باستغلال ثغرات قانونية فى هذه الاتفاقيات للامتناع عن تنفيذ الأحكام، وألغت جنوب أفريقيا اتفاقيتها الثنائية معه بلجيكا بعد خسارتها لقضية مع شركة بلجيكية، واستراليا لم تعد تناقش أحكاما متعلقة بتسوية المنازعات الاستثمارية بين المستثمر الاجنبى والدولة فى اتفاقياتها التجارية مع دول أخرى. إن الحكومات المصرية بعد الثورة أصرت على اتباع نهج مبارك فى حماية الاستثمار الأجنبى على حساب الدولة، باستثناء حكومة عصام شرف، التى ألغت وزارة الاستثمار، وأعلن على السلمى نائب رئيس الوزراء وقتها إلغاء برنامج الخصخصة وتشكيل لجنة لمراجعة عقود الشركات التى تم التخلص منها، «مبادرات السلمى كانت الأكثر ثورية، بينما الحكومات الأخرى اتفقت على أن الفساد مقبول فى مصر، بهدف تشجيع الاستثمار. مشكلة خسارة مصر لقضايا التحكيم الدولي وتكبدها لغرامات تصل في أغلب الأحيان إلي ملايين الدولارات ترجع إلي نقص الكوادر والكفاءات والخبرات القانونية والاقتصادية في إبرام العقود التجارية مع الشركات أو الهيئات الأجنبية إلي جانب ضعف القوانين والتشريعات الداخلية وتضارب سياسات الاستثمار في بعض الأحيان مما أدي إلي تكبد مصر خسائر فادحة في كثير من القضايا التي طرحت علي مستوي التحكيم الدولي.
أشهر قضايا التحكيم الدولي
قضية شركة سياج للاستثمارات السياحية مع الحكومة المصرية حول السيطرة علي أرض طابا والتي قامت شركة سياج للاستثمارات السياحية ببيعها لعدد من المستثمرين تبين بعد ذلك أن من بينهم إسرائيليين والتي أنهي مركز التحكيم الدولي التابع للبنك الدولي في واشنطن المرافعات في الاتجاه إلي خسارة مصر ودفعها تعويض «300» مليون دولار، علاوة علي القضية التي كبدت مصر حوالي 530 مليون دولار التي كانت بين وزارة الطيران المدني وبين هيئة بريطانية حصلت علي أحقية بناء مطار في مدينة رأس سدر ولمخالفة الجانب المصري لبنود العقد تم إحالة القضية إلي مركز التحكيم الدولي بمدينة مدريد الاسبانية تم الحجز علي ما يوازي 530 مليون دولار من أموال وزارة الطيران بالبنوك الخارجية لصالح الهيئة البريطانية.
ومن هذه القضايا صفقة إطارات السيارات لأحدي الماركات العالمية والتي بعد أن أغرقت السوق المصري بها تبين أنها غير مطابقة للمواصفات ونتيجة للفساد وقف الجانب المصري مكتوف الأيدي ولم يطالب بحقه.
أن مصر خسرت 76 قضية عقود إنشاءات خارجية من إجمالي 78 قضية نتيجة عدم وعي الشركات العقارية ببنود العقود واشتراطاتها من بينها قضايا لشركات حكومية وقعت في نفس الأخطاء بل إنها من أكثر الشركات وقوعاً في هذه الأخطاء. أن العقود الحالية تعد بؤراً لفتح باب الفساد وبها الكثير من العيوب والثغرات وعليه فيجب تغييرها، كما يجب أن تحرر العقود باللغتين العربية والانجليزية.
إن هناك 3 قضايا تحكيم دولى مرفوعة ضد مصر من كابتن قبطان أسامة الشريف أردنى الجنسية بقيمه 490 مليون دولار، أن القضية الأولى تتعلق بعقد إنشاء المراكز الجمركية اللوجستية بموانى ومطارات مصر، والثانية بشأن محطة الصب السائل الخاصة بالمنتجات البترولية فى ميناء شرق بورسعيد، والثالثة خاصة بعقد امتياز إنشاء أنابيب تخزين غاز البترول بميناء السخنة، أن المدعى طلب تعويضا فى هذه القضايا يقدر 490 بمليون دولار. مشروع سياج.. مليكورب.. وينا.. هضبة الهرم.. وغيرها كلها نماذج لقضايا تحكيم خسرت فيها الحكومة المصرية ملايين الدولارات خلال السنوات القليلة الماضية
أن عدم الحرفية القانونية في إبرام العقود التجارية بين الطرف المصري والآخر الأجنبي علي المستوي العالمي أحد الأسباب الرئيسية في خسارة هذه القضايا إلي جانب نقص الكفاءات أو عدم الاستعانة بهم إن وجدوا. إن المنطقة أخذت شوطاً كبيراً في مجال التحكيم علي المستوي العالمي في حين بدأت مصر هذا الموضوع في عام 1966 ومنصوص عليه في المواد من 50 إلي 511 من أحكام قانون المرافعات ولكنها تفيد قضايا التحكيم الإداري وكيفية الإجراءات والتحكيم وما إلي ذلك. أن الإشكالية تكمن في أن معظم الهيئات الأجنبية تصدر في عقودها مع الجانب المصري دائماً شرط التحكيم الدولي كبند أساسي في العقد ونظراً لحداثته في مصر، فصاحب الحق دائما يكون الممثل الأجنبي وخير دليل علي ضعف الجانب المصري في هذه القضايا ما حدث في قضية الهرم أو جنوب الباسفيك والتي كانت بين وزارة السياحة وشركة بريطانية والمكلفة ببناء شاليهات حول هضبة الهرم وبعد أن قامت هذه الشركة بإحضار جميع معداتها والبدء في إجراءات التنفيذ قام الجانب المصري بفسخ العقد المبرم مما كبد مصر مبلغا قدره 36 مليون دولار بعد اللجوء لعملية التحكيم وبعد تسوية الأمر تم دفع حوالي 18 مليون فعلياً.
إن لحداثة ظاهرة التحكيم خاصة في ظل ظهور اتفاقيات تجارية دولية كثيرة مع منظمة التجارة العالمية مثل الجات والكويز يمكن أن تكون سبباً وراء ذلك ولكن يجب أن نعترف بضعف مستوي الكوادر وتضارب القوانين الخاصة بالتجارة الدولية وعدم تناسقها، فهناك قانون يضارب آخر وهنا ندخل في مصيدة الخطأ ونخسر هذه القضايا كما يعاب علي مصر أنها بلد طاردة للاستثمار بسبب عدم تناسق السياسات وعدم وجود توجهات واستراتيجيات ثابتة في التعامل التجاري الدولي أن مصر ليس بها نقص كوادر أو كفاءات قانونية واقتصادية بل علي العكس فهي زاخرة بكفاءات علي مستوي عال في مجال التحكيم الدولي، وهناك كثير من الدول العربية استعانت بمحكمين مصريين بناء علي سمعة مصر الطيبة في مجال التحكيم الدولي، كما أننا يجب أن نفرق بين التحكيم الدولي العام وهو المتعلق بقضايا مصرية مع دولة أخري مثل قضية طابا والتحكيم الدولي الخاص الذي يكون بين مصر واحدي الشركات العالمية أو بين شركة مصرية وأخري أجنبية. عد مرور 36 عاما بالرغم من توقيع مصر علي معاهدة نيويورك للتحكيم الدولي التي وضعت عام 1958 إلا أنها لم تفكر في وضع قانون خاص بهذا التحكيم إلا بعد مرور 36 عاما وهو القانون 27 لسنة 1994 وظل غير مفعل لعدة سنوات حتى بدأ إنشاء مراكز للتحكيم وصلت الآن إلي أكثر من ألف مركز تختلف فيما بينها من حيث القوة والفعالية. ويلجأ إلي هذا النوع من التحكيم من يريد سرعة التقاضي، خاصة أن بعض القضايا قد تمر عليها عدة سنوات في المحاكم حتى يتم الحكم فيها وهو ما يكبد المتنازعين أموالا طائلة.
- في البداية ما هو التحكيم؟
ببساطة شديدة هو اتفاق الأطراف المتنازعة في مسألة معينة علي إخضاع نزاعهم إلي طرف ثالث يختارونه لحسم هذا النزاع بقرار يلزمهم.
وما الفارق بينه وبين القضاء العادي؟
القضاء العادي هو احد سلطات الدولة العامة. والقاضي موظف عام له ولاية قضائية دائمة تقوم مهمته علي إصدار أحكام قضائية ويتقاضي راتبا من الدولة عن عمله ولا يتقاضي أجراً من الخصوم. أما التحكيم فهو اتفاق ينشأ بمقتضاه نظام إجرائي قضائي مؤقت مقصور علي نزاع معين بنطاق محدد يقوم عليه شخص عادي له ولاية قضائية مؤقتة تنتهي بإصدار الحكم المنوط به إصداره ويأخذ أجره ممن يصدر ضده الحكم.
- ومن أين جاءت فكرة التحكيم؟
لما شهدت الولايات المتحدة الأمريكية كسادا اقتصاديا هائلا عام 1958 كانت القضايا المتنازع عليها خاصة التجارية والمالية تستغرق وقتا طويلا ففكروا في التحكيم فكانت معاهدة نيويورك لعام 58 وتنص علي أن كل الدول الموقعة يتم تطبيق التحكيم علي أراضيها في منازعات الاستثمار وكان من تلك الدول مصر والسعودية وبريطانيا والولايات المتحدة الأمريكية وفرنسا. وبعدها تم عمل اتفاقية باريس للتحكيم عام علي أن يكون لها مركز إقليمي خاص بها1961.
- ومتى يلجأ الطرفان إلي التحكيم؟
التحكيم مبني علي الاتفاق والتراضي فعند توقيع اتفاقية تجارية أو استثمارية أو غيرها بين طرفين فإنهما ينصان في العقد علي اللجوء عند النزاع إلي التحكيم وهذا يعني أن يد القضاء غلت. ويكون التحكيم دوليا إذا كان أحد المتنازعين أجنبيا. والتحكيم يسمي القضاء الخاص ويكون أجر المحكم علي الشريكين بالتساوي لحين الفصل في الدعوي ثم يتحمله المحكوم ضده. وللطرفين الاتفاق علي كل شيء حتى المكان الذي يتم التحكيم فيه وعدد من يقوم بالتحكيم بشرط أن يكون عدداً فرديا. ولأحد المتنازعين الحق في رد هيئة التحكيم ولا تتجاوز قضية التحكيم إثني عشر شهرا إلا باتفاق الطرفين، ويكون حكم التحكيم ملزما ولا يجوز الطعن عليه.
- وما أهم مميزات التحكيم؟
يتميز التحكيم عن القضاء العادي بأنه وسيلة سهلة وسريعة لفض المنازعات لذا يطلق عليه العدالة الناجزة، وبعد الفصل في الدعوي يتم إخطار أقرب محكمة ابتدائية للتنفيذ الفوري. ويتميز التحكيم والتحكيم التجاري علي وجه الخصوص في مواجهة القضاء الوطني بالمرونة والموضوعية ويستند إلي السرية والخصوصية في تناول المسائل محل النزاع، كما يتصف بالحياد وتوافر الثقة والطمأنينة.
- وهل يكون التحكيم الدولي إجبارياً أم اختيارياً؟
قد يكون اختياريا، أو إجباريا. والفارق بينهما أن الدولة التي تقبل بالتحكيم الاختياري غير مجبرة علي عرض نزاعها أمام أي جهة دولية لتسويته، بل يكون لها مطلق الحق في قبول أمر ذلك التحكيم أو رفضه. أما التحكيم الإجباري فيمكن رده في حالة موافقة الدولة علي الاتفاقيات الخاصة أو بمقتضي نص في اتفاقية عامة، أي المصادقة والقبول بالاتفاقيات الثنائية بين الدول أو تلك الاتفاقيات الدولية التي تدخل الدولة في إطار الإجبار علي التحكيم متي حدث نزاع بينها وبين دولة أخري وقعت علي تلك الاتفاقيات. ومن أشهر الاتفاقيات الدولية تلك التي جاءت بمؤتمر لاهاي 1899 والتي شجعت مبدأ التسوية السلمية للنزاعات الدولية.
- وما الفارق بين التحكيم التجاري والدولي؟
قد يكون التحكيم دولياً من خلال نزاع دولي كتحكيمات الحدود ومن أبرزها تحكيم طابا بين مصر وإسرائيل، والتحكيم الذي حدث بين الهند وباكستان بشأن إقليم كوتش، وتحكيم جزر حنيش بين اليمن واريتريا. أما التحكيم الذي يعني بالعقود والمعاملات الدولية فيسمي بالتحكيم التجاري ويدخل في إطار القانون المحلي أو الدولي الخاص، وكذلك القوانين التجارية الدولية أو قوانين الأعمال الدولية. وقد عرّفت المادة 36 من اتفاقية لاهاي الثانية 1907 التحكيم بأنه تسوية للنزاعات بين الدول بواسطة قضاة من اختيارهم وعلي أساس من احترام القانون.
- وما أهم مراكز التحكيم التجاري الدولية؟
أشهرها: مركز التحكيم الدائم في جنيف، ومركز تحكيم لندن، ومركز التوفيق والتحكيم للغرف التجارية والعربية والأوروبية، ومركز تحكيم القاهرة الإقليمي.
- ومتي يكون التحكيم وطنياً؟
يكون التحكيم وطنياً إذا كان أطرافه ينتمون إلي دولة واحدة، أما إذا كان أحد أطرافه أجنبياً فيكون التحكيم أجنبياً. وطبقا لاتفاقية نيويورك فإن التحكيم يكون أجنبياً أو وطنياً بالنظر إلي ارتباط التحكيم بصدور قرار المحكمين، أي إنه إذا صدر قرار المحكمين في غير الدولة المراد تنفيذ الحكم علي إقليمها يكون التحكيم أجنبياً، لكن اتفاقية جنيف للتحكيم الدولي المبرمة في 1961 تري أن التحكيم الأجنبي مرتبط بمراكز إقامة الأطراف المتنازعة.
وقد حسمت فكرة صفة التحكيم بواسطة اتفاقية الأمم المتحدة للتحكيم التجاري المبرمة في 1985م التي اعتبرت التحكيم الأجنبي في حالة ما إذا كان الطرفان المتنازعان يقيمان في دولتين مختلفتين وقت تحرير اتفاقية التحكيم. ويعد التحكيم دولياً إذا تعلق موضوعه بمصالح تجارية دولية دون النظر إلي مكان التحكيم أو جنسية الأطراف.
- ولماذا تأخرت مصر في دخول هذا المجال حتى عام 94؟
هذا أمر مؤسف للغاية لأن السادة المسئولين المحسوبين علي النظام السابق احتقروه، لكن الأكثر دهشة أننا بعد وضع قانون للتحكيم في عام 94 ظل لعدة سنوات غير مفعل بدليل تعرضنا لحوالي 76 قضية تحكيم دولية لم نكسب منها سوي قضيتين إحداهما طابا بينما خسرنا 74 قضية أبرزها قضية سياج.
- وهل التحكيم في مصر مستقل عن وزارة العدل؟
لا. بل يتبع وزارة العدل وله قائمة بالمستشارين المعتمدين.
- وما سلبيات مراكز التحكيم في مصر؟
أهم السلبيات أن كثيرا منها لا تقوم بالإعداد الجيد لمستشاري التحكيم، بل هدفها الأساس هو تحقيق الربح المادي بعقد دورات ضعيفة المستوي لا تؤهل المدربين بالشكل الأمثل.
إن عدد قضايا التحكيم الدولي، المرفوعة ضد مصر حاليا، تصل إلى 31 قضية تحكيم دولية من المستثمرين الأجانب والعرب تبلغ قيمتها المالية ما يزيد على 100 مليار دولار. وتعد قضية وجيه سياج، أبرز قضايا التحكيم الدولي، التي حكم على مصر فيها بتعويض قدره 135 مليون دولار أى ما يعادل نحو 800 مليون جنيه مصري، يزيد من ذلك، أن مركز التحكيم الدولي يكبد الدول المتقاعسة عن السداد غرامات التأخير والتي تبلغ 9% كل ثلاثة أشهر أي ما يعادل نحو 36% سنويا. في ظل ارتفاع عدد دعاوى التحكيم الدولي المرفوعة ضد مصر، عاد من جديد الحديث عن قضايا المستثمرين الأجانب ضد مصر التي باتت تقدر بنحو 35 مليار دولار، وذلك نتيجة إلغاء قرارات الخصخصة، الأمر الذي أثار جدلاً بين الأوساط الاقتصادية خاصة أن هذا الأمر يؤكد أن الحكومة ستواجه صعوبات بالغة فى اجتذاب الاستثمارات للسوق المصري خلال الفترة المقبلة.
أن الحكومة ستكون فى ورطة حقيقية إذا نجح المستثمرون فى كسب الدعاوى القضائية مادام لم يتم إثبات تورطهم فى شبهة الفساد التى أكدتها الأحكام القضائية ، أن الكارثة ليست فى الدعاوى القضائية وإنما فى استرداد الحكومة لشركات وإعادتها للقطاع العام ولكن دون الاستفادة منها وإعادة تشغيلها إذ ان عدد المصانع المتوقفة عن العمل تتزايد يوماً عن يوم. أن حكومة الدكتور حازم الببلاوى فى أزمة حقيقية جراء تزايد عدد الدعاوى القضائية المرفوعة ضد مصر، لان عدد الدعاوى التى رفعها المستثمرون الأجانب تبلغ نحو 30 قضية، يتم النظر لنحو 15 قضية منها خلال هذه الأيام وتطالب الحكومة بسداد 16 مليار دولار من أبرز الشركات التى قامت برفع دعاوى تحكيم دولى ضد مصر ، وشركة « كوروب إنترناشيونال»، وشركة « إتش أند أتش» ، وشركة « فينوسا»، وشركة» ميناء السخنة»، وشركة» فيولا» ،» وشركة «الفطيم» الإماراتية، وشركة « أجريوم»، وشركة « أومو نيتسوا»، وشركة « داماك»، وشركة « أوتش» الألمانية. أن لجوء حكومة الدكتور حازم الببلاوى لتسوية خلافاتها مع المستثمرين ورجال الأعمال الأجانب سيعود بالفائدة على الاقتصاد المصرى خاصة وأنه سيؤدى لطمأنة جميع المستثمرين الذين يرغبون فى استثمار أموالهم فى ممصر، فضلاً عن أنه سيساهم فى عودة الاستثمارات العربية والأجنبية من جديد للسوق المصري. أن المستثمرين الأجانب إذا نجحوا فى كسب الدعاوى القضائية الخاصة بهم، فهذا الأمر ينذر بكارثة حقيقية لمصر خاصة وأن الوضع المالى لا يسمح على الإطلاق بسداد مليم من مستحقات المستثمرين الأجانب، لذا لابد على حكومة الببلاوى أن تقوم على الفور بالتصالح مع المستثمرين الأجانب وإرضائهم ، قبل أن تنقلب الأوضاع ولا تأتى فى صالح مصر، وهذا الأمر لن يتم سوى عن طريق منح هؤلاء المستثمرين الأجانب أراضى بأسعار تلائمهم وبتكلفة عادلة لإقامة مشاريع جديدة عليها مقابل سحب الدعاوى القضائية، بجانب منح تسهيلات للمستثمرين الذين يستثمرواً أموالهم فى مشروعات فى المناطق الحرة إذ أن هذا الأمر سيكون بداية الطريق لعودة الاستثمارات وإنقاذ الاقتصاد المصري من أزمة مقبلة. أن توالى الأحكام القضائية ببطلان خصخصة الشركات التى تم بيعها خلال عهد مبارك، بات هو العقبة الحالية أمام وزير الاستثمار فى التعامل مع المستثمرين الأجانب وبات بمثابة عقبة أو ما يشبه أزمة ثقة للمستثمرين العرب فى ضخ أية استثمارات جديدة للسوق المصري، الامر الذى يؤدى إلى ضعف حركة الاستثمارات الاجنبية.
أن من أبرز الشركات الأجنبية التى تضررت من إلغاء بطلان عمليات الخصخصة شركة أندوراما الأجنبية التى قامت برفع دعوى تحكيم دولى جراء إلغاء خصخصة شركة غزل شبين الكوم، وكذلك شركة شرق البحر الأبيض المتوسط للغاز «إى أم جي»، وكذلك رجل الأعمال الإماراتى حسين سيجواني، صاحب شركة «داماك»، أن الحكومة لابد أن تسعى لضمان حقوق المستثمرين التى ضاعت جراء إلغاء التعاقدات التى تم إبرامها لامتلاك وإدارة الشركات، لان المستثمرين الأجانب لجأوا للتحكيم الدولي بعد إلغاء عقود الشركات التى تم خصخصتها من قبل بأحكام قضائية، وذلك لأن الحكومة المصرية تخضع للتحكيم الدولي بموجب الاتفاقيات الدولية، لذا لابد من أن تبذل الحكومة قصارى جهدها من أجل ضمان استقرار الوضع الداخلي بشأن الاستثمارات الأجنبية ، وذلك ضماناً لعودة الاستثمارات الأجنبية وكذلك العربية من جديد للسوق المصري.
حكم يصدر فى إطار المركز الإقليمي للتحكيم بالقاهرة
وهو الحكم الصادر فى 7 يوليو سنة 1985 بالقاهرة فى النزاع بين شركة نمساوية ووزير الزراعة المصرى. ويتعلق النزاع باتفاق مقاولة مبرم فى 27 مايو سنة 1982 بين الشركة ووزير الزراعة ، مؤادة قيام الشركة بعمليات رش القطن بالطائرات لمواسم سنة 1984،1983،1982 .وأثناء قيام أحد طيارى الشركة فى 9 سبتمبر سنة 1983 من مطار أسيوط ،فوجىء بسيارة بها مدير زراعة أسيوط تقطع ممر المطار بالعرض ، فحاول تفادى الحادث بالتخلص من حمولة الطائرة من المبيدات فأدى ذلك لصعود الطائرة بحدة ثم سقوطها فى حقل على يسار المهبط ، وتحطمت بالكامل وأصيب الطيار . فطالبت الشركة وزير الزراعة بالتعويض ، بسبب خطأ تابعى الوزراة الذى أحدث الأضرار المادية التى لحقت بالشركة ، وتتمثل فى تحطيم الطائرة ، وفيما فاتها من كسب بسبب حرمانها من استغلال الطائر ة فى عمليات الرش عن المدة من 9/9/1985 حتى 25/9/1985وهو تاريخ انتهاء العقد ، وفيما فاتها من كسب لعدم استغلال الطائرة فى الرش بجمهورية السودان وفقاً لعقد مبرم فى 20يوليو سنة 1983 . وأسندت فى ذلك إلى أن وزارة الزراعة قد أخلت – بخطأ تابعيها – بإلتزام تعاقدى هو مسئوليتها عن تأمين سلامة مهبط الطائرة ضد دخول الأفراد والعربات . وقد دفع وزير الزراعة بأن الوزارة ليست مسئولة عن تأمين سلامة المهبط ضد دخول الأفراد والمركبات وفقاً لعقد المقاولة ، وإنما تلتزم فحسب بتحذير الأهالى بالابتعاد أثناء عمليات الرش الجوى للحق وأن الشركة هى التى أخطأت ؛ إذ لم يتأكد الطيار من خلو الممر من العوائق عند سيره بالطائرة على الممر ، كما أن الشركة سمحت للطائرة بالطيران رغم عدم ملاءمة الأحوال الجوية يوم الحادث لإجراء عمليات الرش ولأسباب أخرى أدت لوقوع الحادث . ولما كان طرفا العقد قد اتفقا على حل منازعتهما وفقاً لقواعد مركز القاهرة الإقليمى للتحكيم . وفوض الطرفان مدير المركز فى تعيين محكم فرد . وفعلاً قرر فى 9/9/1984 تعيين د . فتحي عبد الصبور محكماً وحيداً في الدعوى . الذي طبق على إجراءات التحكيم القواعد التى يطبقها المركزUNCITRAL.
. فإذا كانت هيئة التحكيم قد صرحت بتطبيق القانون الدولي العام بالنسبة لمسائل الإجراءات ، فهي لم تصل لنتيجة مختلفة عن ذلك بالنسبة لموضوع النزاع . شكل قسم المنازعات الخارجية بهيئة قضايا الدولة هيئة تحكيم لإعداد مذكرات دفاع بعد أن أقامت شركة “اوتش” للوحات المعدنية دعوى تحكيمية أمام المركز الدولى لفض المنازعات الاستثمارية “أكسيد” بواشنطن، ضد مصر، مطالبة بالتعويض المالى عن الأضرار التى لحقتها جراء فسخ العقد المبرم بينها وبين الحكومة المصرية لتوريد لوحات معدنية خاصة بأرقام السيارات داخل الدولة. وحتى الآن لم يتم تحديد قيمة التعويض الذي تطالب به الشركة ضمن ما ورد بإخطار التحكيم المرسل لمصر وقد احتفظت الشركة المحتكمة “اوتش” بحقها فى تحديد إجمالي التعويض المطلوب فى مذكرات لاحقة أمام التحكيم.
الجديد بالذكر أن محكمة الجنايات كانت أصدرت حكما فى عام 2011 بحبس أحمد نظيف وصاحب شركة “اوتش” سنة مع إيقاف التنفيذ والسجن 10 سنوات لوزير المالية الأسبق يوسف بطرس غالى ووزير الداخلية الأسبق حبيب العادلى بالسجن 5 سنوات وألزمتهم برد مبلغ 92 مليون جنيه للدولة وتغريمهم مبلغا مساويا. كنا نتوقع أن يلجأ بعض المستثمرين العقاريين للمحاكم الدولية للقفز على أحكام القضاء المصرى ومحاولة الاحتفاظ بما استولوا عليه من أراض قبل ثورة يناير بطرق غير مشروعة أو ابتزاز الدولة المصرية، وبالفعل صدقت توقعاتنا، حيث أكد حسين السجواني رئيس شركة داماك العقارية فى تصريحات صحفية أنه فوض مستشارا قانونيا دوليا لرفع طلب تحكيم دولي ضد مصر إلى المركز الدولي، بعد الحكم الصادر ضده بالسجن خمس سنوات لتورطه في عملية شراء30 مليون متر مربع في منطقة خليج جمشا على ساحل البحر الأحمر بطرق غير مشروعة، وهو ما اعتبره سجوانى حكما سياسيا، نافيا وجود دليل واحد على ارتكابه أي مخالفة قانونية. حولها شبهات الاستيلاء علي أراضي مصر إلي اللجوء للتحكيم الدولي بشأن عقود الأراضي التي حصلت عليها في ظل الفترات السابقة التي كان يخيم عليها حالة من عدم الشفافية، أن احتمالية لجوء «الفطيم » إلي ذلك التحكيم بسبب أرض مشروع فيستفال سيتي بالتجمع الخامس ربما يعتبر حالة خاصة، لأن هذه الأرض سبق وتم سحبها ثم تصالحت عليها الفطيم مع الدولة، بدفع مبلغ قدره حوالي 420 مليون جنيه مصري، وذلك نهاية العام الماضي وقبل قيام الثورة ليعاد بيع المتر بمبلغ 1500 جنيه بدلا من 150 جنيها، ويقدر الجوهري سعر المتر الآن بتلك الأرض بحوالي 3آلاف جنيه، ولكن بعد المصالحة التي تمت لم يتبق ما يفصل في الأمر سوى بنود العقد الذي وقعته الشركة. ونفي الجوهري مزاعم بعض الشركات بأن ما يجري معها من ملاحقات هو مجرد تصفية حساب مع النظام السابق ومجرد موقف سلبي من وزير الإسكان السابق أحمد المغربي، مؤكدا أنه لا يوجد عداء شخصي بين الحكومة وهيئة المجتمعات العمرانية من ناحية وبين المستثمرين الأجانب من ناحية أخري، وأنه لا مجال للزعم بأن ما يتم هو تصفية حسابات لعدم وجود صلة مباشرة بين هذه الشركات والوزير السابق يمكن أن يضار بها. إن اللجوء للمحاكم الدولية يجب أن يسبقه محاكمة محلية أولا ثم اللجوء للتحكيم الدولي إذا رأوا أن الحكم– إنه من حق أي مستثمر أجنبي وقع عليه ضرر أن يلجأ لمقاضاة مصر دوليا، ولكن العبرة في النهاية بالنتائج وما إذا كانت هذه الشركات محقة في دعواها أم لا، وأنه في حالة وجود شبهة فساد في التعاقد سوف ينصف التحكيم الدولي مصر، أما إذا كانت للشركات الأجنبية التي لها مشاريع في مصر حق ووقع عليها ضرر فالمهم هو تحقيق العدالة.
، وهو ما أثار التساؤلات حول سبب استمرار خسارة الجانب المصرى فى هذه القضايا، البعض قال إن السبب هو نقص الكوادر القانونية القادرة على التعامل مع هذه القضايا، والبعض الآخر نفى ذلك وأكد كفاءة رجال القانون المصريين، فى حين اتهم آخرون ضعف القوانين المحلية وتضارب السياسات الاستثمارية إلى جانب الفساد الإدارى، بأنها أهم العوامل التى مكنت رجال الأعمال الأجانب من الحصول على أحكام لم يكونوا يستطيعون الحصول عليها إذا وجدت قوانين تحمى المصالح القومية. قضية شركة سياج للاستثمارات السياحية مع الحكومة حول السيطرة على أرض طابا، من أشهر قضايا التحكيم التى تشغل الرأى العام هذه الأيام، والتى أنهى مركز التحكيم الدولى التابع للبنك الدولى “أكسيد” فى واشنطن الحكم فيها بتغريم مصر 74 مليون دولار، بالإضافة إلى 60 مليون دولار أخرى كمصاريف، والمجموع 134 مليون دولار توازى نحو 750 مليون جنيه.
ان المرافعات تتجه إلي إدانة مصر بسبب العديد من الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المصرية لنزع الأراضي بعد بيعها لشركة سياج للاستثمارات السياحية وإدارة الفنادق، والتي يمتلكها «وجيه إيلاي جورج سياج» وقالت المصادر إنه من المنتظر صدور حكم بالإدانة ضد مصر وهو ما يلزم الحكومة بدفع تعويضات تزيد علي 300 مليون دولار لشركة سياج، رغم أن إجمالي الصفقة يقل عن ذلك بكثير، لأن سعر بيع متر الأرض لم يتجاوز 50 جنيهاً. وأوضحت المصادر أن دفاع الشركة استند بالدرجة الأساسية إلي توقيع الحكومة المصرية مايزيد علي 90 اتفاقية دولية خاصة بالاستثمار علي أرض مصر.. في الوقت الذي لم توقع الولايات المتحدة علي أكثر من 45 اتفاقية دولية بهذا الخصوص، وهو ما أضعف قدرة الطرف المصري علي الدفاع، الذي دفع بحجة خطر استثمار شركة سياج في منطقة طابا علي الأمن القومي. وكشف دفاع مصر في مرافعته أن وجيه سياج تعاقد مع شركة تسويق إسرائيلية عام 1994 دون علم الحكومة المصرية تحت زعم أن العقد يستهدف ضمان التدفق السياحي. وأضاف الدفاع أن الأمر لم يقف عند هذا الحد، وأن السبب الرئيسي الذي دفع الحكومة المصرية ممثلة في ممدوح البلتاجي ـ وزير السياحة المصرية آنذاك ـ لإلغاء العقد عام 1995 هو اكتشاف أجهزة الأمن المصرية أن شركة «سياج» أعطت الحق للشركة الإسرائيلية في إدارة المشروعات علي الأرض المحددة للاستثمار، وأن من بين القائمين علي الشركة شخصيات وقيادات عسكرية إسرائيلية اشتركت في الحربين ضد مصر عامي 1967 و1973، وهو ما يشير إلي مخطط إسرائيلي لتملك أراض واسعة في سيناء لتكون عائقاً ضد تنميتها وتأكيد حماية الوجود الإسرائيلي علي الحدود مع مصر.. إلا أن هيئة المحكمين لم تلتفت لهذا الأمر باعتباره شقاً سياسياً لا يدخل في عمق القضية، واعتبرتها قضائية بالدرجة الأولي. وأوضحت المصادر أن سير المرافعات في غير صالح الطرف المصري دفع دفاع مصر في النهاية للتأكيد علي أنه لم يأخذ حقه في المرافعات كما أتيح لدفاع شركة سياج وأن هيئة التحكيم انحازت للمدعي ولم تكن عادلة، خاصة أن الطرف المصري دفع بعدم اختصاص المحكمة في السابق لكنها أصدرت حكمها بالاختصاص. وكشفت المصادر عن مفاجأة هي أن دفاع سياج استند إلي أربعة أحكام قضائية صادرة من مجلس الدولة لصالح وجيه سياج، وأن هذه الأحكام كانت حجة قوية أمام مركز التحكيم الدولي حتي أن المركز أصدر تقريراً هاجم الحكومة المصرية واتهمها بأنها «حكومة سلطوية لا تحترم أحكام القضاء».يذكر أن ممثل سياج في التحكيم كان المحكم الدولي الاسترالي «مايكل براريليس» ويدافع عنه المكتب الأمريكي «كينج إن سبولدنج» أما الجانب المصري فيمثله المحكم الدولي التشيلي «فرانشيسكو أوريجا ميتشونا» ويدافع عنه الدكتور أحمد كمال أبوالمجد وحازم روقانا من شركة «حلمي وحمزة وشركاؤهما» وهم الفرع المصري لشركة «بيكر آند ماكينزي» للمحاماة والتحكيم