المحـكمون العرب يرحب بكم حسام الدين منير محام ومحكم ووكيل براءات اختراع عضو اتحاد المحامين العر

اهلا وسهلا بكم في موقعنا المتواضع الذي يشرف بزيارتكم العظيمه له

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

المحـكمون العرب يرحب بكم حسام الدين منير محام ومحكم ووكيل براءات اختراع عضو اتحاد المحامين العر

اهلا وسهلا بكم في موقعنا المتواضع الذي يشرف بزيارتكم العظيمه له

المحـكمون العرب يرحب بكم حسام الدين منير محام ومحكم ووكيل براءات اختراع عضو اتحاد المحامين العر

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
المحـكمون العرب يرحب بكم حسام الدين منير محام ومحكم ووكيل براءات اختراع عضو اتحاد المحامين العر

موقع قانوني يهتم بكل فئات وفروع القانون وبالاخص الفروع المستحدثه من القوانين مثل التحكيم والملكيه الفكريه


    روعه المحاماه بين المتعه والمشقه

    Admin
    Admin
    Admin


    عدد المساهمات : 168
    نقاط : 464
    السٌّمعَة : 0
    تاريخ التسجيل : 18/06/2009
    العمر : 48

    روعه المحاماه بين المتعه والمشقه Empty روعه المحاماه بين المتعه والمشقه

    مُساهمة من طرف Admin الأحد 04 أبريل 2010, 6:10 pm

    لمحــامي 1

    ان حياة المحامي وما يتخللها من المشاغل والمتاعب لا يشعر بها انسان آخر لبعده عنها. وقد وصفها (ايزوب) بانها من اجل الاشياء واقساها ايضا.
    ولعله لم يعد وجه الصواب لانه ليس هناك ما هو اجمل ولا اشهى من هذه المهنة. وايزوب الذي يقول ذلك ليس بمحام حتى يتهم في رأيه فهو شاهد عدل متنزه عن الغرض نظرا لمكانته وتجاربه فهو قاض مشهود له بالذكاء والحذق لا يذكر اسمه الا في معرض الرمز عن النزاهة والصلاح وقد انصف هذه المهنة بقوله في معرض الكلام عن استقلال المحامي: "ان نظام المحاماة قديم كالقضاء ونبيل كالفضيلة ولازم لزوم العدالة".

    ولقد جاء بعد ذلك بشيء من التفصيل فقال: "وهي مهنة تجمع بين اغراض شاقة من الفن الى الواجب ومن الجدارة الى النبل يقبض صاحبها الذي فضله في كفه على اعنة الناس فيستضيؤون بنوره ويحتمون عند ظل قوته وهم مضطرون الى الاعتراف بنبوغه وفضله".
    تلك شهادة ذلك القاضي الكبير في عصره ولا يتهم فيها كما لو شهد بها محام، ولكننا نزيد على ذلك- مغفلين الجهة المشرفة لهذه المهنة- انها الفرصة التي تتاح للانسان لينفع فيها بني جنسه ويخفف عنهم عبء الشقاء وظلم الحظوظ وهي من اجمل المشاغل العقلية لفتح امام المحامي سبيل استخدام مواهبه احسن استخدام.

    ومع ذلك فانها من اثقل الاعباء فليس هناك ما هو اتعب من حياة المحامي لانها تأخذ من زمنه وعقله على السواء والمحامي ليس كالموظف يمكن له خارج عمله ان يتذوق طعم الراحة. ولا كالطبيب يكون بعد الانتهاء من عيادة مرضاه حرا طليقا. ولا كالجندي يصبح وهو بعيد عن الخدمة كاحد الناس غير مسؤول عن شيء. ولا كالمهندس او الصانع لان في وسعهما ان يضعا حدا بين عملهما وراحتهما.
    فالمحامي محروم من نعمة هذه الحياة الحرة الخاصة. واذا استثنى الساعات القليلة التي يستريح بعض الراحة فيها لا نجد امامه دقيقة واحدة يمكنه ان يقطعها في غير شؤون مهنته. ويسألونك لماذا؟ وقد غاب عنهم ان مكتبه ليس مكان عمله وان مكان عمله انما هو مخه وحياته. نعم انه بعد ان يفرغ من دفاعه يخلع عنه ثوبه تاركا المحكمة بما فيها خلف ظهره ولكن هذه الحركة التي يفهم الناس منها انه اصبح بعدها حرا لا يذوق خاطره بعدها مع ذلك طعم الراحة. ان ملف القضايا الذي يحمله تحت ابطه وهو منصرف ربما كان اثقل على مخه منه على ساعده لانه لا ينفك لحظة واحدة عن التفكير فيه.

    كتب عليه ان يجهل معنى الراحة، وهو يستيقظ في الشتاء من الساعة السادسة صباحا وقبل هذه الساعة في فصل الصيف ثم ينكب على عمله بغير ملل حتى اذا دقت الساعة الثامنة انحدر الى مكتبه ليفض الرسائل التي تنتظره وليجيب عليها اما بنفسه او بواسطة كاتب يملي عليه وهو في كل لحظة يرد في التليفون على مخاطبيه ولا يخفى عليك ما في ذلك من التعب وضياع الزمن خصوصا اذا انقطعت المحادثة مما يضطره الى انتظار عودتها ثم استئناف ما بدأ فيه وهكذا مما قد يتكرر.

    واذا فرغ من فض رسائله والرد عليها وانتهى من محادثة مخاطبيه على ما مر وقد دقت الساعة التاسعة اضطر الى استقبال زبائنه الذي يقصدونه عند تلك الساعة.

    هذه هي الادوار التي تمر على المحامي كل يوم حتى اذا وقف امام القاضي صاح فيه:"من فضلك تكلم في الموضوع"..
    ولكن هذا القاضي لم يستقبل مثل الزبائن الذين استقبلهم وهو في مكتبه من خلال سنتي التمرين اللتين قضاهما.
    نعم انها كمدرسة شاقة تطلب صبرا وحلما لانه اذا كان من هؤلاء الناس من لا يضيع على المحامي بعض زمنه فان آخرين منهم يدخلون معه في تفاصيل لا نهاية لها وقد تكون بعيدة كل البعد عن موضوع الدعوى. والمحامي مضطر على كل حال الى الاصغاء اليهم فقد يكون في بعض احاديثهم الطويلة ما يصلح ان يكون اساسا صالحا للدفاع.
    وفي يقيني ان مكتب المحامي مورد غزير يجد فيه القصصي والواعظ والحكيم مجالا فسيحا للتحليل والتقدير يخفق عنده دائما فؤاد الحياة البشرية لان قاصديه يدخلونه وهم تحت تأثير مشاغل لا حد لها قد تكون خطيرة وهم يتقدمون الى المحامي وفي ايديهم حياتهم الحافلة بشتى الاشكال والصور فيقدر مواقفهم التي لم يخطر لهم هم تقديرها. وهكذا يقبل عليهم غير حاسب حسابا للعبارات التي يغفلون فيها ما يدور بين جنوبهم من الشهوات والعواطف.

    يذكرون له كل شيء لانهم يعلمونه الامين على اسرارهم وان هذه الاسرار لا يمكن ان تتجاوز الجدران الاربعة التي يفضون اليه بها فيها.

    ومن هذه الوجهة يتساوى الطبيب والمحامي من حيث الحياء فحيث لا وجود للحياء الجسماني امام الطبيب كذلك لا وجود للحياء الادبي امام المحامي وهو يستقبل كل يوم اناسا ما كان يخطر بباله انهم احياء يستأمنونه على حوادثهم الخاص التي كتموها حتى عن اقرب الناس اليهم.

    وقد يكون بين هؤلاء الناس سيدات قد يكن قصدنه على غير علم من اوليائهن فيبحن له كأنه قسيس يتلقى اعترافهم باسرار لم تتخط من قبل شفاههن.

    تراهن وهن ينتظرن على سواهن من القاصرات يتحاشين ان يبدو على ملامحهن شيء من تلك الاسرار الدامية التي تحز في احشائهن حتى اذا دخلن على المحامي ووثقن من اغلاق الابواب خلفهن، فاضت دموعهن وما عدن يتحملن ألم تلك الاسرار فيخرجنها من حبوسها ورؤوسهن في ايديهن وهن يذكرنها بعبارات متقطعة وبصوت مختنق متوسلات اليه في ارشادهن الى ما لهن من الحقوق.

    وهكذا لا يعود لهن هدوؤهن الا متى خرجن من هذا المكتب (ملجأ الاسرار) وعدن الى منازلهن حريصات على ان لا تنطق ملامحهن بتلك اللحظة الرهيبة التي قضت ظروف الحال بان يظهر ضعفهن فيها.
    نعم ان القصصي الذي ينقب عن المواضيع ليتخذ منها اسبابا لاقاصيصه ليجد في مكتب المحامي طلبه من الوقائع الحية الاليمة يحللها ويمتحنها ليستخلص منها صورة صحيحة للحياة البشرية وهي في اقصى حالات اضطرابها.

    وقد يقف الكاتب ساعات طويلة امام هذه الوقائع ينسى عندها ما يدور فوق المسرح من الحوادث المتكلفة ولكن المحامي ليس هذا الكاتب وليس لديه وقت يسمح له بالوقوف لملاحظة تلك العواطف وتحليلها وتقديرها، لانه محكوم بطبيعة اخرى تجعله يراها تحت زاوية خاصة مركزها الوجهة الفنية التي تحتمها مهنته وهذه الوجهة وحدها تصرفه عن الاشتغال بسواها تراه حين ينفجر بركان احقادهن وآلامهن لا ينظر عادة الا الى الوجه القضائي يجري خلف الوسيلة الى كسب الدعوى التي يطلبن اليه رفعها فيستعيد في ذاكرته ما مر عليها من الاحكام الصادرة في مثل هذه الحالات ويرسم في نفسه الاسلوب الذي يصيغ فيه اعلان الدعوى او مذكرته فيها فهو مثله كمثل الطبيب امام مريض يئن بين يديه لا يشغله سوى تشخيص الداء.

    وهكذا يدعم دفاعه بكل ما يراه صالحا من تلك الظروف ولكنه يجتهد ايضا في ان يصوغ في غالب قانوني ذلك الصراخ المؤلم الذي دوى في اذنه وحرك اوتار الرحمة في قلبه بغير ان يظهر ذلك غالبا عليه.

    من هذا نرى انه ليس هناك وجه شبه بين المحاماة وبين الكتابة كما يزعم الناس لان الغموض الذي يجري خلفه المحامي والقصصي مختلف باختلاف الاسلوب الذي يجب ان يتبعه كل منهما فالمحامي لا هم له الا ان يسير بسفينة موكله الى بر الربح فهو يقتصر على الشكل الذي يتطلبه القانون والدفاع واما الكاتب فلا يهمه الا ان يبحث عن ناحية الجمال يجري اليها غير مقيد الا بوحي خاطره.

    ولو ان كاتبا ومحاميا اشتغلا بموضوع واحد لوجدت في النهاية فرقا كبيرا بين قصة الاول ومذكرة الثاني.
    ولكن هذا ليس معناه ان هذه المذكرة لا تصل الى مستوى الجمال الذي ينشده الكاتب الا ان تحقيق ذلك لا يكون مقصودا ويتحقق بوسائل غير الوسائل التي لا يجد الكاتب في قلمه سواها. فمثلا التفاصيل الكثيرة التي هي افعل في نجاح القصصي قد لا تراها في مذكرة المحامي او دفاعه لان الدعوى قد تضطره الى ان يسكت عنها.

      الوقت/التاريخ الآن هو الجمعة 29 مارس 2024, 7:19 am